للتطوّر والحداثة آثارٌ سلبية مباشرة على حياة الإنسان، لا سيما مع ارتفاع حالات الإصابة بالأمراض المتعدّدة، منها مرض الأمعاء الالتهابي الذي يصيب فئة الشباب في الدرجة الأولى، مؤثّراً في جودة حياتهم ومسبّباً لهم القلق والاكتئاب. فما هي العوارض التي تؤكّد إصابتكم؟

مع ارتفاع نسب الدول الصناعية الجديدة في العالم، ارتفعت معها اعداد الاصابة بمرض الأمعاء الالتهابي في الشرق الاوسط ايضاً. ومن أجل نشر التوعية حول تزايد الإصابة بهذا المرض بين المجتمعات، حاورت «الجمهورية» أستاذ طبّ الجهاز الهضمي في المركز الطبي في الجامعة الاميركية في بيروت البروفيسور علاء شرارة، الذي قال إنّ «السبب الاساسي للإصابة غير واضح، ولكنّ ثمّة دراسات تؤكّد ارتباطه بالحداثة ونمط الحياة والأكل والتلوّث. كما يعتقد العلماء أنّ التفاعل بين الجينات أو الجهاز المناعي أو عوامل البيئة المختلفة يمكن أن تؤدّي لحدوث المرض. في المقابل، يسبّب مرض الأمعاء الالتهابي حدوث اضطرابين هما التهاب القولون التقرحي (UC) ومرض كرون (CD) وينجم منهما التهاب مزمن في الجهاز الهضمي. ويمكن لهاتين الحالتين الطبيتين أن تكونا خطيرتين على حياة الانسان في حال لم يتمكّن من علاجهما، وكأيّ مرض آخر تراوح جدّيتهما بين الحالات البسيطة الى الأكثر تعقيداً».

الإسهال والحمى

عند الإصابة بمرض الأمعاء الالتهابي تكون الاستجابة المناعية الطبيعية في الجهاز الهضمي في حالة عالية النشاط. ما يترتب عليه حدوث التهاب في الجهاز الهضمي والذي ينتج عنه تورّم وتقرحات وانسداد والتهابات.

وبحسب د. شرارة «إلتهاب القولون التقرّحي يؤثر فقط على القولون والمستقيم، أي الأمعاء الغليظة، ويظهر على شكل تقرحات (القروح المفتوحة). أمّا عن العوارض الأكثر شيوعاً لالتهاب القولون التقرّحي، فهي الشعور بعدم ارتياح في منطقة البطن وظهور دم أو صديد في الخروج. بينما مرض كرون فقد يؤثر على أيِّ جزء من الجهاز الهضمي، وتشمل عوارضه الشائعة حدوث ألم في البطن والإسهال ونزيف المستقيم وفقدان الوزن والحمى.

وتجدر الاشارة الى أنّ الاتهاب المزمن في القولون التقرّحي لا سيما اذا كان المرض قد اصاب كامل القولون وفي حال لم ينفع العلاج، عندها يمكن أن تزيد نسبة اصابة الشخص بسرطان القولون. في المقابل، يتمّ تشخيص الفرد المصاب بمرض الأمعاء الالتهابي على أساس العوارض المصاحبة للمرض والتاريخ الطبّي له، لذلك تستخدم سلسلة من الاختبارات للتأكّد من صحّة التشخيص، وتشمل فحص الدم والبراز، التنظير الداخلي والتصوير. كما يمكن أن يكون العلاج على شكل أدوية أو تدخّل جراحي أو مكمّلات غذائية أو مجموعة من هذه الخيارات. وتهدف هذه الإجراءات العلاجية إلى تخفيف حدّة المرض ومنع تفاقمه وتحسين نمط الحياة».

بين 15 و30 سنة

يُعتبر هذان المرضان من الأمراض المزمنة التي يتوجّب على المرضى التعايش معها طوال حياتهم، ولكن يُصاب بهما في الدرجة الاولى فئة الشباب بين عمر الـ15 والـ30 سنة، الامر الذي يؤثر في حياتهم على جميع الأصعدة.

وفي هذا الصدد أشار د. شرارة الى أنّ «التعايش مع هذه الظروف المرَضية يترك تأثيراً كبيراً على الصحة البدنية والذهنية للمريض، وقد تؤثر بشكل كبير على نمط حياته الاجتماعية وعلى علاقاته الأسرية والعملية والدراسية.

ومع تطور مراحل المرض، يواجه المصابون تحدّيات كبيرة واحتياجات صعبة. من هنا اهمية خلق برنامج صحي من قبل وزارة الصحة أو الضمان لمساعدة المصابين على تأمين أدويتهم المزمنة والمكلفة. كما من الضروري توجّه المصاب بدرجة متقدّمة الى مركز طبّي مختص، حيث يتوفر فيه فريق طبّي متجانس ومتكامل من جميع الاختصاصات التي قد يحتاجها لا سيما أنّ العلاج سيكون صعباً ومعقّداً».

لا يوجد علاج شافٍ لهذه الحالات، فغالباً ما يحتاج المريض الى الأدوية بشكل مزمن ودائم. ويختم د. شرارة موضحاً «يتوقف الشباب عن تناول ادويتهم بعد شعورهم بالتحسّن الامر الذي يسبّب لهم المضاعفات، من هنا ضرورة نشر التوعية وتثقيف المريض على اهمية الالتزام بالعلاج»، مضيفاً «للمحافظة على جهاز هضمي صحّي يجب الابتعاد عن التدخين وعدم الإفراط بالكحول، القيام بالرياضة البدنية، متابعة الفحوصات الدورية، وعدم التأخّر باستشارة الطبيب في حال ظهور أيّ عارض صحّي».