يحذّر خبراء ماليون دوليون من الوقوع في فخ الاستثمار و المضاربة في المعدن الاصفر في الفترة الراهنة بداعي القلق من تداعيات الحرب التجارية العالمية، دون ان ينكروا انه لولا هذه الحرب لكان انحدر الذهب دون الـ 1200 دولار للاونصة.
 

خلال الأسابيع الأخيرة راج مصطلح الحرب التجارية . وهي فعلا قائمة. ولكن السؤال الاهم يبقى كيف يجب ان تؤثر كل هذه التفاصيل والتعقيدات السياسية والاقتصادية التي لا تنتهي على اتجاهات الاستتثمار والمضاربة في الذهب. اذ ان الذهب هو الرديف الاستثماري التقليدي لمصطلحات الحروب والتوترات العالمية.


الا أن الامر يستدعي التفاعل بحكمة مع الكثير من التطورات التي تحدث في الأسواق العالمية دون التأثر بالعناوين الاخبارية اليومية. وهذا يعني ان الجميع هم متأثرون بشكل مباشر او غير مباشر بما يجري من جهة، وبما تتداوله وسائل الاعلام من جهة اخرى. ورغم العجز عن تغيير شيء، يبقى بالامكان الاستفادة من التطورات في محاولة وضع الخطط والاستراتيجيات الاستثمارية المناسبة.


ساهم القلق من الحرب التجارية فعليا في فرملة او أقله ابطاء التدهور الدراماتيكي لأسعار المعدن الاصفر، وربما لو لم يحصل هكذا صدام بين الصين وأميركا لكان الذهب قد وصل مجدداً الى ما دون الـ 1200دولار بأسرع مما كان الكثيرون يتوقعون. حالياً، انه عند مستويات 1244 دولار للأونصة.

 

سياسياً، هذه القرارات الأميركية على مستوى رفع الرسوم الجمركية ستعزّز من اتجاهات الحماية الداخلية لكل دولة، واقتصادياً ستكون هذه الرسوم بداية دق مسمار في نعش نمو التجارة العالمية. بمعنى أن العالم سيسير ببطء ولكن بثبات الى الركود الاقتصادي، بينما ستكون التجارة الدولية متأثرة بقوة وسلبياً.


عندما حدثت الأزمة المالية العالمية عام 2008، لم يكن الذهب قد ارتفع بقوة. وكان ما يزال عند مستويات 750$ للأونصة ولم يرتفع الا بعد أن اتخذ الفيدرالي الأميركي قراراً تاريخياً بانقاذ الاقتصاد وبداية التحفيز الكمي، قفز الذهب من بعدها الى مستويات 1920$ في أيلول 2011، و هو أعلى مستوياته التاريخية على الاطلاق، وصلها ولم يستعدها مرة ثانية. المعنى أن الأزمة بين الصين وأميركا لن ترفع الذهب بقوة كما يعتقد الكثيرون وهو الفخ الذي قد يروّج له بعض كبار اللاعبين في الاسواق المالية العالمية لتحقيق مضارباتهم الرابحة والذي قد يقع فيه الكثيرون من المستثمرين المتوسطين والصغار.

 

وعندما يقول الكثير من المتداولين والمتابعين أن الذهب ملاذ آمن ومن الافضل اللجؤ اليه في هذه الاوقات المتوترة والمفتوحة على كافة الاحتمالات، فهذا لايعني أن التداول اليومي للذهب قد لا يكبدهم الخسائر الموجعة احيانا.


آلية شراء الذهب الحقيقي في الاقتصاديات المتقدمة التي تتمتع باستقرار سياسي وتضخمي مختلفة تماماً عن شراء الذهب في دول نامية كالصين والهند مثلاً حيث العملة تفقد قيمتها والتضخم يصل الى مستويات قياسية تضعف القوة الشرائية. في هذه الدول لا يعتمد على الذهب في مضاربات يومية بل فقط لحماية الثروات، لذلك هناك كل حالة على حدة وكل دولة لها ظروفها.


لكن السيناريو الحالي قد يكون لصالح الشراء كاستثمار متوسط الآجل على أقل تقدير، حيث ان قوة الدولار الأميركي ستكون مهددة بعد ان تكون الأسواق قد استوعبت رفع الفائدة، والعوائد الأميركية لن تكون في وضع يسمح لها بالارتفاع في هكذا مخاطر تجارية محتملة.


من جهة اخرى، يجب متابعة ما يجري حالياً من تراجع للأسهم الصينية وحتى الأداء الضعيف للأسهم الأميركية في الفترة الأخيرة وهو ليس عبثياً وليس مرتبطاً فقط بعمليات جني أرباح، بل بعمليات تحوط أكبر يبدو انها بدأت منذ الآن. اي ان الذهب قد يتحرك لاحقاعلى وقع اتجاهات الاقتصاد العالمي والقرارت الاقتصادية والمالية والنقدية التي ستتخذها الدول الكبرى لمواكبة هذه التطورات والتغييرات.