هل سيصعّد هذا التيار المتشدّد بعد القضاء على الإتفاق النووي وهل يطوي ملف حكومة روحاني المعتدلة قبل دخوله المواجهة الصاروخية مع الغرب والعرب؟
 

اليوم تجاوز الإتفاق النووي بين إيران ودول الخمس زائدا واحدا عامه الثالث ودخل العام الرابع بعد ما دخل غرفة العناية الفائقة بفعل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالإنسحاب منه. 

 

الأجواء التي خيمت على المفاوضات النووية في جنيف وفيينا خلال الشهور الست المؤدية إلى يونيو 2015 كانت تبشر بإنجاز كبير للدبلوماسية على مستوى العلاقات الدولية وإزالة العقبات أمام إستتباب الأمن والإستقرار على المستوى الدولي والإقليمي.

 

كان الطرفان الإيراني والأمريكي يتطلعان إلى طيّ صفحة الماضي وخلق مناخ جديد للعلاقات الثنائية. 

 

ووصل التفاؤل عند الإيرانيين لدرجة أعلن المرشد الأعلى آية الله خامنئي عن إستعداد بلاده للدخول في المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن قضايا أخرى إذا نجحت المفاوضات النووية ووصلت إلى غاياتها. 

 

ولكن بما أن الشيطان في التفاصيل لم يرضِ أي من الطرفين الآخر في مرحلة ما بعد الإتفاق. فإن إيران اختبرت صواريخها الباليستية بعد إقرار الإتفاق النووي بأيام وكانت تلك الصواريخ تحمل شعار يجب أن تمحى إسرائيل من الوجود ليس باللغة الإنكليزية وإنما باللغة العبرية لتسهيل فهم مضمون الشعار لليهود الإسرائيليين.

 

إقرأ أيضا : إيران والخيار الصعب: بين الغرب والشرق

 

 

ثم قامت قوات الحرس الثوري باعتقال جنود أمريكيين دخلوا المياه الإيرانية بعد نفاد وقود قاربهم.

 

وفي المقابل بادرت أمريكا منذ الأيام الأولى بعد توقيع الإتفاق النووي بإدراج أسماء شخصيات وكيانات إيرانية على لائحة العقوبات تأكيدا منها بأن هذا لا يعارض نص الإتفاق النووي. 

 

تلك التصرفات التي قام بها كل من الطرفين لم يخدم تخفيف التوتر بينهما وإنما زادت الطين بلة. 

 

كان المتوقع من الإتفاق النووي أن يجتذب ثقة إيران بالمجتمع الدولي ويخفف من مشاعر الخوف لديها ويشجعها للمزيد من الإندماج في المسارات الدولية. ولكن تلك المحفزات كانت ضئيلة وبطيئة جدا لم تتمكن معها إيران من التخلص من العقوبات إلا القليل منها.

 

وبالرغم من إن العقوبات ضد إيران استمرت في عهد باراك أوباما بعد توقيع الإتفاق إلا أن أوباما كان غير صادق في التعبير عن نواياه حتى جاء ترامب الذي وضع النفاق جانبا وكشف عن وجه أمريكا الحقيقي الذي يتجسّد في منطق السلطة. 

 

اليوم وبعد مضي ثلاثة أعوام على توقيع الإتفاق النووي يبدو أن إيران وأمريكا مقبلتان على المواجهة والشرق الأوسط مهدّد بحرب شاملة. 

 

إقرأ أيضا : ولايتي ... السوريون والعراقيون لا رجولة ولا فحولة

 

 

أمريكا تحاول خنق إيران إقتصاديا وإيران تهدّد بإغلاق مضيق هرمز وأمريكا تؤكد على حرصها لضمان أمن مضيق هرمز لنقل النفط. وتقول صحيفة كيهان المحافظة المتشددة على لسان رئيس التحرير حسين شريعتمداري: " بعض وسائل الإعلام  قالت  أن أمريكا تقدر على ضرب إيران عبر صواريخها بعيدة المدى التي تنطلق من المحيط الهندي ولكننا نقول: إذا حصلت المواجهة فعندها سوف تقع أوروبا في مرمى صواريخنا فضلا عن المملكة السعودية والبحرين وتل أبيب وحيفا!" 

 

هذا وأوروبا تبذل جهدا مستميتا لإنقاذ الإتفاق النووي. 

 

هذا صوت المتشدّدين في إيران المهدّد بعد هجومهم على الإتفاق النووي الذي استمر لثلاث سنوات وإعتبارهم توقيع الإتفاق النووي خيانة بحق الوطن. 

 

هل سيصعّد هذا التيار المتشدّد بعد القضاء على الإتفاق النووي وهل يطوي ملف حكومة حسن روحاني المعتدلة قبل دخوله المواجهة الصاروخية مع الغرب والعرب؟