رحلة عذاب طويلة عاشتها رابية حمية منذ الصغر، انتهت بأبشع الطرق، بطلقة نارية من مسدس اقرب الناس لها. قصة ابنة طاريا نسخة مشابهة لقصة والدتها ايمان حمية، مع فارق مهم ان الاخيرة استطاعت تعديل السيناريو الذي كتبوه لها، بهروبها من الجحيم والعودة الى حضن أهلها.

زواج طفلة

لنعد عشرات السنين الى الوراء، يوم نزعت اللعبة من يد ايمان يتيمة الوالدين، لتزوج وهي طفلة تبلغ من العمر 14 سنة من رجل كما قالت: "لم تشاهده يوماً في حياتها"، انجبت منه ابنتين، لم يمضِ على زواجهما ثلاث سنوات حتى قتل بقصة ثأرية على يد احد ابناء العائلة، لتنتقل الصغيرة الى مرحلة ثانية من المأساة، شارحة: "منعت من العودة الى والديّ، حبست في غرفة من عائلة زوجي، ضربت وعنفت، حرمت من الطعام، منعوني من الذهاب الى اهلي، ارادوا ان يزوجوني من قريب لهم، وعندما رفضت هددوني بالموت. كنت اسمعهم كيف يتآمرون على قتلي، تارة بدسّ السم لي، واخرى برميي في مشروع مياه والقول اني رحلت خطيفه مع شاب. حتى اتخذت قراري بالهرب، انتظرت ليلة شتاء عاصفة، والتهاء من في البيت، خرجت من دون ان يشعر بي احد، ركضت مسافة حتى وصلت الى الطريق العام، ركبت سيارة مع اشخاص اقلوني الى زحلة، ومن هناك توجهت الى بيروت".

"ضرب واغتصاب"

تمكنت ايمان من تعديل السيناريو الذي كتب لها، على عكس ابنتها رابية التي تركتها مع شقيقتها عند منزل جدها، حيث حرمت من رؤيتهما الى ان كبرت رابية وبحثت عنها لتجدها متزوجة وتعيش في اميركا، وقالت: "رابية هي الاخرى تم تزويجها في الرابعة عشرة، من رجل لا تحبه، كان يضربها ويعنفها، لا بل حتى يغتصبها، وقبل طلاقها منه بأشهر ضربها ضربا مبرحا، خنقها مع والدته، سحلها من شعرها على طرق طاريا، ابناء البلدة شاهدوا وحشيته، ومع ذلك لم يحركوا ساكناً".

حياكة المؤامرة

"لجأت رابية الى منزل جدها وعمومها كي يحموها منه، طلبت الطلاق، الا ان زوجها رفض بادئ الامر، لكن فجأة اصبح هو المصرّ عليه شرط ان تتنازل له عن البيت وقطعة الارض اللتين سجلهما باسمها يوم عقد قرانه عليها، وافقت على الفور كان ذلك قبل نحو شهر، فحريتها اثمن من مال الدنيا، لم يخطر في بالها ان مؤامرة يحيكها عليها مع اقربائها بطلاقه منها كي يبعد تورطه في جريمة قتلها"، قالت ايمان، مضيفة: "كنت حينها في لبنان، سكنت معي في بيروت، لاسافر قبل اسبوع الى اميركا، طلبت منها ان تبقى في منزل خالتها، انتهز اقاربها فرصة غيابي، استدرجوها وقتلوها".

استدراج وقتل

في ذلك اليوم المشؤوم "تلقت رابية اتصالا من عمتها، طلبت منها ان تقصد طاريا، بحجة انها مشتاقة لها، صدقتها، وثقت بها وامنت لها، ارتدت ملابسها وانطلقت، في الطريق اتصلت بي، ابلغتني انها متوجهة الى البلدة، جنّ جنوني، لا سيما ان أحد اقربائها سبق واتصل بي وهددني بقتلها كذلك فعل زوجها، كل ذلك لانها عادت الى حضني، اتهمها بشرفها، وزاد غضبه حين تنازلت عن املاكها. طلبت منها ان تعود ادراجها، قلت لها انهم سيقتلونها، وبالفعل لم يخطئ قلبي، بعد ساعة من مكالمتنا كانت نهايتها على من يفترض ان يكونوا الحضن الدافئ لها، لكن نار حقدهم حرقت ضميرهم وحولتهم الى وحوش كاسرة".

وختمت: "كلا لم تنته قصة رابية، فكم من امرأة لقيت حتفها على يد مجرمين، وكم من امرأة امامها المصير ذاته، اذا لم تتحرك الدولة وتنزل اشد العقوبات بهؤلاء، فالى متى علينا ان نترك وطننا ونهاجر بحثاً عن الامان وخوفاً من مجرمين لا يقيمون وزناً للدولة والقانون، مجرمين يستسهلون قتل الضعيف الذي لا سند يحميه".