رغم حجم المعوقات التي تحول دون إحداث خرق جدي في جدار التأليف الحكومي «السميك» بدأ الهمس عن صيغة حكومية قيد التداول. وكان متوقّعاً أن يسلّم الرئيس المكلف سعد الحريري الى رئيس الجمهورية ميشال عون تشكيلة جديدة قبل أيام، لكن ارتفاع منسوب التوتر بين «التيار الوطني الحر» وكل من «القوات اللبنانية» و»الحزب التقدمي الإشتراكي»، وانتظار لقاء الديمان الذي دعا اليه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أرجأ الخطوة. فما هو الجديد في ما هو مطروح؟
 

تجزم مصادر سياسية انّ الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري أنجز منتصف الأسبوع «توزيعة جديدة» للحصص الحكومية. وساد اعتقاد بإمكان حصول خرق في اتّجاه إحياء النقاش توصلاً الى «معادلة» جديدة على أنقاض ما سبقها من معادلات.

وكانت المعلومات تشير الى انّ الرئيس المكلف أحدَث بالفعل خرقاً على جبهة «العقدة الدرزية» وتوصّل الى ما يمكن تسميته بـ «حلّ وسط» يحتفظ من خلاله رئيس الحزب الإشتراكي وليد جنبلاط بالمقاعد الدرزية الثلاثة فيسمّي إثنين من الحزبيّين وثالثاً قد يكون «وسطياً» او «محايداً» من «التكنوقراط» ويقف على مسافة واحدة من اقطاب الطائفة.

والى بوادر الحلحلة على مستوى العقدة الدرزية، ظهر أنّ مبادرة البطريرك الراعي في اتّجاه «القوات اللبنانية» و»التيار» تحظى بدعم على أكثر من مستوى. فالبطريرك زار قصر بعبدا، قبل 48 ساعة على «لقاء الديمان» الذي دعا اليه الشاهدين على «تفاهم معراب» الوزير ملحم الرياشي والنائب ابراهيم كنعان حيث تمّ تأكيد نوايا الطرفين، المتنازعين على الحصص الوزارية والمناصب والمواقع، باستمرار المصالحة بينهما وبدء حوار حول صيغة جديدة لا تلغي أحداً.

ونقل مطّلعون أنّ البطريرك كان جازماً بدعوتهما الى اعادة الإلتزام بما تعهّدا به امام المجتمع المسيحي عموماً وبكركي تحديداً، مع إصراره على العودة سريعاً الى ما وراء «الخطوط الحمر» التي كان يمكن أن تعود بالجميع ثلاثين عاماً الى الوراء.

فكل ما وقع من خروق منذ الإتفاق على مضمون «الأوراق الأربع السرّية» تثبت استحالة تطبيقها بدليل أنه لم يطبَّق شيء منها منذ توقيعها، وأنّ أيَّ منحى يقود الى أيِّ شكل من اشكال «الثنائية المسيحية» مرفوض من البطريرك والمسيحيين واللبنانيين كافة، وما عليهما سوى اعادة وصل ما انقطع مع القوى المسيحية الأخرى ووقف مشاريع العزل والإقصاء والإحتكار.

ولذلك أبلغ البطريرك زائريه صراحة أنه لن يتدخّل في الآلية الجديدة التي يمكن التوافق حولها، مع الإشارة الى انه سيكون له رد فعل عكسي إذا لم يلتزم الطرفان الخطوط العريضة التي تحدّث عنها من قصر بعبدا وفي رسالته الى قيادتي «التيار» و»الحزب».

ولفتت المصادر الى أنّ خطوة الحريري باتّجاه التشكيلة الجديدة ارتبطت بتهدئة الأجواء السياسية على كل المستويات، في انتظار اكتمال عناصر الحلحلة ليخطو بعدها في اتّجاه معادلة جديدة تستلزم تنازلات من مختلف الأطراف ورحابة صدر العهد وتياره.

وتضيف المصادر انّ «سعي العهد الى نيل الثلث المعطّل أمر لم يستسغه احد بعد، لا في الضاحية ولا في عين التينة ولا في بيت الوسط ولا في معراب، وأنّ العهد مطالب باستيعاب دقة المرحلة للخروج من مأزق التأليف الذي يصيبه في الصميم في حال استمراراه.