يبقى الصراع بين أنصار نعم للشرق ونعم للغرب في إيران مفتوحا ومستمراً
 

لا شرقية ولا غربية ... الجمهورية الاسلامية شعار يشكل علامة إيران وفق دستورها منذ 1980، "لا شرقية لا غربية" مأخوذة من الآية القرآنية رقم 35 سورة النور ولكن الدستور الإيراني يفهم منها لا للشرق ولا للغرب! 

هذا الشعار يعكس شغف النظام إلى الاستقلال والاكتفاء بالذات والابتعاد عن المعسكرات الدولية، هذا شعار النظام الذي خلف النظام البهلوي الذي أسقطته الثورة الايرانية في العام 1979. 

وبالرغم من تأكيد الدستور الإيراني على عدم الانحياز الى الغرب ولا إلى الشرق إلا أن إيران كما بقية دول العالم لن تستغني عن الغرب والشرق وأثبتت العقوبات الدولية السابقة والعقوبات التي سينفذها الرئيس دونالد ترامب أن أوضاع إيران الإقتصادية هشة والانقطاع عن التكتلات الدولية والعالمية يفرغ الاستقلال من جدواه لا بل يشكل مصدرا لتهديد الاستقلال. ولكن إيران اليوم ليست هي إيران قبل أربعة عقود وتتسم بالواقعية حيث لم يعد شعار لا للشرق ولا للغرب ، علامة فارقة لها وهناك اتجاهان رئيسيان في إيران يدعو أحدهما إلى نعم للغرب ولا للشرق والثاني يدعو إلى نعم للشرق ولا للغرب.

 التيار المحافظ في إيران يرى بضرورة انتهاج الاتجاه الى الشرق والاستغناء عن الغرب وطبقت إيران تلك الاستراتيجية في العام 2006 لمعالجة أزمتها النووية عندما حاولت حل تلك الأزمة عبر التوجه نحو الصين والهند وروسيا لمحاولة خلق معسكر جديد لخدمة مشروعها وتطلعاتها النووية. 

إقرأ أيضًا: سفير المرشد الأعلى الإيراني يحل ضيفا على بوتين

 

علمًا أن تلك الدول لم يكن لديها مشروع لمعارضة الغرب وفعلا لم تفعل شيئًا وعلى سبيل المثال قامت روسيا بتنفيذ العقوبات الأميركية الخاصة التي لم تكن ملزمة عليها، ويبدو أن زيارة علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى لروسيا ولقاءه المميز مع الرئيس فلاديمير بوتين الذي إستغرق ساعتين يمثل تطبيق جديد لإستراتيجية الإتجاه إلى الشرق. 

وهناك اتجاه آخر يرى بضرورة التوجه الى الغرب حيث أنه لا بديل للغرب إقتصاديًا ولا سياسيًا. 

يندرج التيار الإصلاحي والمعتدل وحكومة الرئيس روحاني في هذا الاتجاه، ويرى الاصلاحيون بأن المصالح الإيرانية تتطلب الاتجاه الى الغرب وليس الشرق وأن روسيا لا تستطيع خلق موازنة اقتصادية مع الغرب يمكن معها التعويل عليها.

وخلافًا للتيار المحافظ الذي يلجأ إلى روسيا والصين لإحباط خطة ترامب لضرب إيران، يركز التيار الإصلاحي على استغلال الشرخ بين أوروبا والولايات المتحدة لإنقاذ الاتفاق النووي. 

ثم إن الاوضاع الطارئة بين إيران والولايات المتحدة لن تستمر إلى الأبد وستنتهي عاجلًا أو آجلًا ولا يصح بناء علاقات اقتصادية بعيدة المدى هروبا من الضغوط الطارئة. 

فالإقتصاد الإيراني وصناعاتها تأقلمت مع الغرب ويصعب عليها إستبدال الشرق بالغرب. 

ويبقى الصراع بين أنصار نعم للشرق ونعم للغرب في إيران مفتوحا ومستمراً، ولكن صوت المنتمين إلى التوجُّه  نحو الشرق يبدو أعلى وأقوى بكثير نظراً للأوضاع الطارئة التي حدثت بفعل إنسحاب الولايات المتحدة من الإتفاق النووي.