الأمر يا دولة الرئيس يتعلق أول ما يتعلق بكرامة المواطنين الذين يحلو لمرافقيك (ومرافقي زملائك طبعاً) أن يحشروهم في سياراتهم كالفئران
 

بالأمس تعالت أصوات الاحتجاجات على إعاقة موكب رئيس الحكومة حركة السير بإقفال الطريق أمام المواطنين بما فيهم طبعاً سيارات الاسعاف، وذلك تسهيلاً لمرور دولته بلا عوائق أو ازدحام، ذلك أنّ وقت الرئيس من ذهب، خاصةً هذه الأيام وهو منهمكٌ بتشكيل الحكومة المُستعصية على التأليف، وإقفالُ الطريق أمام حركة السير هي إهانة ومذلّة للمواطنين استُحدثت مع طغيان هذه الطبقة السياسية الفاسدة، إذ يعمُدُ المسؤول (بسبب عظمته وسُمُوّ قدره) على إرسال أحد أفراد قوى الأمن الملحقين به، فيقف  عند أحد منعطفات الطرُق، ويحمل على ظهره جاكتّة كاكية داكنة عليها تلك الشعارات التي تُثيرُ الهيبة والحذر: مخابرات، معلومات، قوى أمن، فيُغلق أكثر من "مسربٍ" للسيارات، لاغياً دور إشارات المرور الضوئية، والتي تبقى تعمل بلا جدوى أو معنى، ويقوم بفتح معبرٍ واحد للسيارات، المعبر المفترض أن يسلكه سعادة المسؤول (أو معاليه أو دولته، أو فخامته)، و"يُزربُ" المواطنون بانتظار الفرج، عسى أن يكون المسؤول قد أخذ "حمّامه" وأنجز هندامه وسلك طريقه الممهدة .


إقرأ أيضًا: من الحريري إلى بيار الجميّل إلى حاوي .. اغتيال القاماتُ الوطنية لتطفو مكانها قامات باهتة

قيل بأنّ رئيس الحكومة اعتذر بالأمس من الصليب الأحمر، الذي ردّ بأن لا عوائق أمام سياراته ومهماتها الإنسانية، إلاّ أنّ المسألة الأساسية ليست هي ما اعتذر بسببه رئيس الحكومة، ذلك أنّه لو اقتصر الأمر على سيارات الاسعاف لهان الأمر، فهذه يمكن تداركها بالسرعة المطلوبة ومعالجتها بسهولة، إلاّ أنّ الأمر يا دولة الرئيس يتعلق أول ما يتعلق بكرامة المواطنين الذين يحلو لمرافقيك (ومرافقي زملائك طبعاً) أن يحشروهم في سياراتهم كالفئران، ناهيك عن التلاعب بأعصابهم والتّسبُّب بضياع وقتهم، وهذه لا تمرُّ بالاعتذار والتعليمات بتسهيل مرور سيارات الاسعاف وحدها، بل بالاقلاع نهائياً عن الممارسات المسيئة لكرامات الناس والهادرة لوقتهم، والمُوتّرة لاعصابهم.