ليس من المتوقع أن تترجم استراحة المحارب بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» الى اتّفاق الحل الوسط على تأليف الحكومة، فالمواقف من التأليف لا تزال على حالها، وهي لا تؤشر الى إمكان ولادة حكومة سريعاً.
 

من زاوية «القوات اللبنانية»، سرت الهدنة الإعلامية لكن ليست هناك أوهام كبيرة بإمكان إحياء «تفاهم معراب»، وذلك على رغم إحياء قنوات التواصل. وتؤكد مصادر «القوات» ابداء الايجابية بخصوص الهدنة والالتزام بها، لكنها تشير الى انّ الموقف من تأليف الحكومة لا يزال على حاله، وموقف «القوات» ثابت في المطالبة بالحجم الذي تستحق، والذي ستناله مهما طال امد التأليف، لأن لا حكومة من دون مشاركة «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي، لأسباب داخلية اولاً وعربية ودولية تتقاطع مع الأسباب الداخلية وتصبّ في خانة دعم الرئيس المكلف لإقامة توازن داخل الحكومة، يمنع جنوح الكفّة لمصلحة «حزب الله» وحلفائه.

وفي الوقت الذي تبدي المصادر كل الإيجابية في الاستمرار بالهدنة وإعادة اطلاق الحوار حول الاسباب التي أدّت الى ما ادّت اليه في العلاقة بين «القوات» و«التيار»، تشدّد على متانة موقف الرئيس سعد الحريري الذي لن يقدّم أيّ تنازل في ما يتعلق بحصته.

وتشير المصادر الى انّ الحريري رفض طلب باسيل تقديم تشكيلة أمر واقع، تُمثَّل «القوات» فيها بثلاثة وزراء، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بوزيرين، وهو لن يقدّم هذه التشكيلة أو أيّ صيغة أخرى تحقق مطلب باسيل في تحجيم حصة «القوات»، وفي الدخول على التمثيل الدرزي وضرب تمثيل جنبلاط، وبالتالي لن تؤلّف حكومة من دون «القوات» و«الاشتراكي» ولو طال أمدُ التأليف.

في المقلب الآخر، تشير اوساط قريبة من «التيار الوطني الحر» الى بقاء الامور على ما هي عليه، وتكرّر تحييد الحريري عن النزاع الدائر حول تأليف الحكومة، وترمي كرة التعطيل عند «القوات» وجنبلاط، اللذين يستندان الى دعم سعودي واضح، والى ضمانات أُعطيت لهما بأنّ الحريري لن يؤلف الحكومة الّا بشروطهما.

وتتساءل اوساط التيار عن سرّ هذه الثقة بالنفس التي يبديها الطرفان بأن لا حكومة من دونهما، وتقول: «أيام كانا يمتلكان السلاح لم يكونا على هذه الثقة المفرطة بالنفس، وبالتالي نحن على اقتناع بأنّ هذا التعطيل الذي يمارَس في تأليف الحكومة تدعمه السعودية كلياً، وهي التي ترعى عملية التأليف من بعيد، لكنّ الأمر بات ظاهراً ولا يحتاج الى أدلّة».

وتعتقد اوساط التيار أنّ الحريري «لن يتمكّن السير الى ما لا نهاية في مراعاة مطالب «القوات» و«الاشتراكي»، وتكشف انه «قطع وعداً» لرئيس الجمهورية بأن لا تطول عملية التأليف، وتقول إنّ اللقاء الأخير بين الحريري والوزير جبران باسيل في باريس «كان اكثر من جيد»، وانّ باسيل قبل سفره وبعد عودته ما زال يؤكد «أنّ الحريري من موقعه كرئيس مكلف لن يكون في النهاية في مواجهة رئيس الجمهورية، ولن يلتزم الى النهاية مطالب «القوات» و»الاشتراكي»، وذلك على رغم كل الضغوط الداخلية والخارجية التي يتعرّض لها، خصوصاً انّ «القوات» اصبحت بالنسبة الى العهد قوة سياسية معارضة، وهو يقارنها في مفاوضاته مع الرئيس المكلف بالمعارضة السنّية التي يرفض الحريري تمثيلها».

في كل الحالات تسير عملية التأليف في حقل ألغام العقدتين الواضحتين، فيما لا شيء مؤكداً أنّ العقدة الكامنة المتعلقة بالتمثيل السنّي، او تمثيل ما يُسمّى المعارضة السنّية لن تظهر بعد ايجاد حلّ للعقدتين، فالمعلومات تشير الى أنّ «حزب الله» مصمّم على أن يتمثل حلفاؤه السنّة سواءٌ من حصة رئيس الجمهورية، أو بنحو مستقل، وهذا التمثيل لن يكون إلّا في اللحظات الأخيرة إذا ما نضجت التشكيلة الوزارية، وهنا يجب تتبّع عملية إسقاط الأسماء على الحقائب والحصص لمعرفة ما يخطّط الحزب للتمثيل السنّي في اللحظة الاخيرة.