لاحظت اوساط وزارية، ان اية ردة فعل لم تصدر عن المسؤولين في الدولة على الطريقة التي تتم فيها ادارة ملف عودة النازحين السوريين او عودة من يشاء منهم الى الاراضي السورية، او عودة من تقبل السلطات السورية بعودته بعد اطلاعها على الاسماء.

كما لاحظت دخول «حزب الله» بقوة على خط تسجيل اسماء النازحين، واظهار دوره كمعني اساسي في الموضوع. مع العلم ان هناك تخبطاً في معالجة الامر، اولاً، اذ تم تسجيل ۳٠٠٠ نازح سوري للعودة، فيما بلغ العدد الفعلي ۳٠٠ في مرحلة اولى، و٤٥ للمرحلة الثانية، ثم هناك تخبط في التوقيت غير المناسب، اي في الوقت الضائع، في مرحلة تشكيل حكومة جديدة، ووجود حكومة تصريف اعمال والدور الذي يقوم به الحزب في الملف، يأتي متزامناً مع رسائل من مسؤولين حزبيين، بين الحين والآخر حول ضعف قدرات الجيش اللبناني، وان الدولة ضعيفة وانه بالامكان الاتكال على الحزب في المهمات الصعبة.

وقد ابلغ بعض المسؤولين الحزب رسائل حول انه بدلاً من «اخافة الناس» والتواصل عبر الحشد الشعبي لتسجيل من يريد العودة، يفترض الخروج من سوريا، واقناع حلفائه في سوريا بتعبيد الطريق امام العودة الشاملة، وبهذه الطريقة تتم معالجة مسألة العودة، لان النزوح جاء كردة فعل على القتل والذي يستمر الآن، لا سيما في الجنوب السوري ودرعا، وحيث بلغ عدد النازحين في اتجاه الحدود الاردنية ۳۳٠ ألفاً وبعد الاتفاق مع الروس لم يعد كل هؤلاء الى درعا بل ذهبوا الى ادلب حيث مناطق للمعارضة.

والآن يوجد نازحون يعودون من لبنان الى سوريا بشكل طوعي ولا يخبرون احداً. ويقدر عددهم بنحو ٥٠ شخصاً يومياً. هم خائفون لكن ايضاً لديهم معاناة من جراء الوضع الاقتصادي اللبناني. وتعتبر هذه الاوساط، انه جرى افشال عودة الـ ۳٠٠٠ نازح، وان من هجرهم لا يريد عودتهم. وآخر احصاء لدى الامم المتحدة، ان ٨٥ في المئة من النازحين في لبنان يريدون العودة فوراً، وان ٩٥ في المئة يريدون العودة مع عائلاتهم. وتُحمِّل الاوساط فشل عودة الـ ۳٠٠٠ المذكورين للحزب ولوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل من خلال اسلوب التعامل مع هذه المسألة. وتشير الاوساط، الى الحساسية التي قد تصل الى الكره، من النازحين في اتجاه الميليشيات، مثلما كان اللبنانيون يكرهون الميليشيات وقوات الاحتلال اثناء الحرب اللبنانية.

وترى الاوساط، ان «حزب الله» يتناتش دور الدولة في كثير من المجالات، من دون ان يتحرك احد. وبالتزامن مع ذلك، يحاول الحزب السيطرة على الوزارات من خلال الشروط التي يضعها امام تشكيل الحكومة، والسعي لحيازته على وزارات لم يسبق ان دخل اليها، وقد يكون السبب لتحويلها وتحويل موظفيها للعمل ضمن مشروعه. هذا عدا عن ان الحكومات المتعاقبة لم تكن قادرة على الحكم فعلياً ولم يتم تطبيق «النأي بالنفس» الا من خلال المواقف الرسمية وليس على الارض. وبالتالي، الآن وفي الوقت الضائع تحديداً، يقوم الحزب بأخذ دور المؤسسات والوزارات المسؤولة عن ملف التعاطي الرسمي مع مسألة عودة النازحين. والحزب، وفي مرحلة تشكيل الحكومة، يحاول ايضاً فرض شروطه على الحلفاء الطبيعيين للرئيس المكلّف سعد الحريري، اي «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي». وثمة مساعٍ لتذليل العراقيل، لكن حتى الآن لم يُسجَّل اي يقدم.

وترى الاوساط، ضرورة انتظار التطورات السورية لمعرفة كيفية تأثيرها على دور الحزب في الداخل. ويظهر من الاتصالات الاميركية - الروسية، ان لا مصلحة دولية في ان يتم ترك ايران تتمدد في المنطقة بهذا الشكل. في هذا المجال يتطابق الموقف الاميركي مع الروسي. مع ان الفارق هو ان موسكو تستخدم الورقة الايرانية لتحقيق سياساتها ومشروعها الكبير، الا انها لن تسمح ان تتحول ايران الى دولة منافِسة. وموسكو في هذه المرحلة يهمها استقرار لبنان، لكن من دون ان تتدخل مع الحزب، الذي هو حليف ايران لتسهيل تأليف الحكومة، او لضبط ايقاع دوره في لبنان وعدم تخطي هذا الدور، دور الدولة اللبنانية. كما انها لا تتدخل معه لمنع انحراف مسار الوضع اللبناني عن النأي بالنفس الفعلي، او منع الضغوط التي تستهدف سيادة لبنان الفعلية. ومن المتوقع، انه في حال تقرر على المستوى الاميركي - الروسي تحجيم دور ايران في المنطقة وليس فقط في سوريا، ان يتراجع تدريجياً مسرح العمليات في سوريا ويتراجع النفوذ. وموسكو لا تفكر الا في استراتيجيتها الكبيرة ولا تتدخل في التفاصيل خصوصاً في الموضوع اللبناني.