ناشد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق "خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ضمير الاعتدال العربي، وهو الحريص والمحبّ والمندفع للبنان والمعتدلين فيه، الذي يعرف تاريخ لبنان السياسي أكثر مما يعرفه بعض اللبنانيين، أناشده ألا يترك جمعية المقاصد التي لها دور تاريخي ومستمرّ في حماية الاعتدال اللبناني، وليس فقط في التعليم، كونها حمت لبنان من التطرّف والتكفير على مدى عقود، خصوصاً خلال السنوات الخمسة الأخيرة".


كما ناشد "مدرسة الشيخ زايد رحمه الله في دولة الامارات، والتي هي مدرسة زرعت الخير في كلّ دولة عربية، ولا يزال ولي العهد ونائب رئيس الوزراء الشيخ محمد بن زايد على المسار نفسه في دعم الاعتدال، أناشده أن يضع موضوع جمعية المقاصد على طاولة البحث الجدّي".


وردّا على سؤال حول إمكانية خروجه من "كتلة المستقبل" النيابية، أكّد المشنوق أنّ "أي قرار سأتّخذه يتمّ بالتشاور مع الرئيس سعد الحريري والباقي تفاصيل وليست أساسيات"، وردّاً على سؤال حول "من طعنك بالظهر في تيار المستقبل؟"، أجاب: "لم أقصد أشخاصاً معيّنين بل قصدت أنّ الماكينة الانتخابية حصل فيها فوضى إلى درجة لم تعرف من معك ومن ضدّك، والدليل هي الإجراءات التي اتّخذها الرئيس الحريري بعد الانتخابات".


المشنوق الذي زار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، أكّد من دار الفتوى ردّا على سؤال أنّ ما طرحه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عن افتتاح مكاتب لحزب الله مهمتها إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، هو "استعراض لا مبرّر له، وليس بنّاءً، ولا حاجة إلى افتعاله، وهو يعبّر عن تخلٍّ عن الدولة، وإفراغ لها من مضمونها، والمجتمع الدولي والمؤسسات الدولية لا تعترف إلا بالدولة في ملفّ إعادة النازحين، الذين لا خلاف على ضرورة عودتهم طوعياً"، معتبراً أنّ "الأمن العام غير مقصّر بواجبه في هذا الملف، واللواء عباس ابرهيم ينسّق مع الحكومة السورية منذ سنوات".


وردّاً على سؤال حول ما قصده في حديث صحافي بأنّ "الآتي أعظم"، قال المشنوق إنّ "المرحلة السياسية في المنطقة، سواء ما يتعلّق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو الصفقة الأميركية الروسية التي تتعلق بسوريا أو تطوّرات باب المندب الأميركية الإيرانية، أو القمة الأميركية الروسية المتوقعة، كلّ هذا تعوّدنا طيلة السنوات الماضية أن يكون حبله في الخارج وولادته في لبنان، من هنا يجب أن نكون حذرين في موضوع تشكيل الحكومة، وألا ندخل في جدل رقمي حول الحكومة وكأنها تتألف على الآلة الحاسبة، فهي مسألة سياسية معقدة، وأؤكد هنا أنّ الرئيس سعد الحريري مصرّ وصلب في موقفه بتشكيل حكومة تتمثّل فيها كل القوى من دون أوهام وأحلام ووحدانية في التمثيل".
ونفى المشنوق "حصول اعتداء على صلاحيات رئيس الحكومة، فالرئيس الحريري لا يسمح بذلك، وكوننا في دار الافتاء، فأهل السنّة، ومعهم كثير من اللبنانيين، حريصون على الطائف والدستور، والرئيس الحريري لديه صلابة استثنائية في هذا الموضوع وحريص على التنسيق مع رئيس الجمهورية، وأعتقد أنّ العلاقة بين الرئيسين هي الضمانة الوحيدة وسط الشهوات التي يبرزها البعض مستنداً إلى نتائج الانتخابات".

 


وتابع: "لا يوجد عقدة خارجية في موضوع تشكيل الحكومة، قد تكون الانتخابات أوهمت البعض و"طلع البخار على راسهم"، لكنّ المرحلة دقيقة وحسّاسة وتتطلّب الكثير من التواضع والتفاهم والتدبير ولا تتطلب حسابات إلكترونية أو تقنية، وذلك بهدف تشكيل حكومية سياسية في ظروف اقتصادية ونقدية وسياسية وخارجية صعبة، خصوصاً في ظلّ ما يحصل جنوبَ سوريا".


وردّا على سؤال حول تداعيات إطلاق سراح متّهم بقرصنة مواقع حكومية، رأى المشنوق أنّه "جزء من الفلكلور اللبناني، الذي عوّدنا أنّ التدخل السياسي والمالي في بعض القضاء يعطي نتائج من هذا النوع، وجزء من القضاء يتصرّف بناءً على تدخّلات وليس انطلاقاً من رغبة شديدة في إحقاق الحقّ أو التشدّد في تطبيق القوانين، وأكرّر أنّه بعض القضاء، لأنّ هناك قضاة صادقين ومبدئيين يتابعون الأمور ويدافعون عن أمن وحقّ كل لبناني. وهذه عملية فيها قرصنة لمراكز تابعة للدولة ولمؤسسات أمنية، وما حصل غير موفّق، إذ كان يمكن التروّي والتدقيق بكلّ المعلومات قبل إطلاق سراحه بسبب تدخّل من هنا أو هناك".


وأكّد المشنوق أنّ هناك "هناك مشكلة تاريخية في المقاصد، لأنّ المجتمع الإسلامي بشكل خاص ليس معتاداَ على دعم المقاصد بشكل دائم مثل دعمه لدار الايتام، لأنّهم يعتبرون أنّ هناك غطاءً سياسياً وتبرعات سياسية تاريخية كانت تأتي للمقاصد، ما غذّى فكرة عدم الحاجة لتبرعات محلية"، وكرّر أنّ "المقاصد ليست مدارس فقط بل أهميتها تكمن في أنّها جمعية تاريخية عمرها أكثر من 140 سنة، وهي رائدة ليس في التعلم فقط بل بتدريس الاعتدال وليس تدريس العلوم الجغرافية والهندسية أو اللغة فقط، إنّما الاعتدال الذي هو أساسيّ في سياستها داخل المجتمع الإسلامي في لبنان، منذ عشرات السنوات، في مواجهة التطرّف الذي شهدناه مؤخّراً".


وأضاف: "لولا سياسة الاعتدال منذ نشأة المقاصد حتّى الآن لكانت طبيعة المجتمع في لبنان مختلفة تماماً، وبالتالي الحرص عليها هو حرص على المجتمع، الذي تبيّن خلال السنوات الأخيرة أنّه رغم كلّ ما حدث في سوريا، بقي المجتمع اللبناني، والإسلامي بشكل خاصّ، محافظاً على تماسكه واعتداله وأثبت أنّه ليس مجتمعاً إرهابياً أو تكفيرياً كما كان يُتّهم في السابق، خصوصا في مدينة مثل طرابلس أو في منطقة الشمال، وتبيّن أنّ جذوره معتدلة وبراعمه كذلك، وهو مجتمع بسياسته وتديّنه وبعقله وبتفكيره ووطنتيه أساس قاعدته هو الاعتدال".