في ظلّ النقاش الفلسطينيّ - الإسرائيليّ حول ميناء قبرص، قد تشهد الأيّام المقبلة المزيد من التفاصيل حوله، لا سيّما في ما يتعلّق بالرقابة الأمنيّة عليه
 

وافق وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان على خطة لفتح ميناء بحري في قبرص لصالح قطاع غزة، في حين انّ حماس والزعماء الفلسطينيين غير راضين عنه.

ناقش ليبرمان في 26 يونيو الفكرة مع الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس خلال زيارته لقبرص وتهدف الخطة إلى إنشاء فريق لتطوير المشاريع في غضون ثلاثة أسابيع وإكمال المنفذ في غضون ثلاثة أشهر.

ومع ذلك، يتوقف الاقتراح على إطلاق حماس سراح مدنيين إسرائيليين وبقايا جنديين إسرائيليين. كما يسمح لإسرائيل بمراقبة الميناء لمنع حماس من استغلال هذه الفرصة لتهريب الأسلحة إلى غزة.

ويأتي الاقتراح الإسرائيلي في ظل تدهور الأوضاع المعيشية في قطاع غزة، مع معدلات بطالة غير مسبوقة، وسوء التغذية ومستوى معيشي منخفض والتي كانت سببا لاحتجاجات عنيفة في آذار / مارس، والتي بدأت في 30 مارس، على طول الحدود مع إسرائيل. هناك مخاوف متزايدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء من مواجهة عسكرية محتملة بين حماس وإسرائيل جراء الأزمة الإنسانيّة المتفاقمة.

من جهته، قال ماهر طباع، مدير العلاقات العامة في غرفة تجارة غزة، لموقع "المونيتور": "إن ميناء قبرص الذي نأمل في إقامته سيوفر على الفلسطينيين الكثير من النفقات الباهظة للسلع الفلسطينية المستوردة التي تصل إلى الموانئ الإسرائيلية. تأخذ إسرائيل الكثير من الوقت لفحص البضائع القادمة للتحقق ممّا إذا كانت تتوافق مع المواصفات الصحيحة. إن السيطرة الأمنية الصارمة لإسرائيل على معبر كيرم شالوم شددت الخناق حول الفلسطينيين بدلاً من تخفيف الضغط على اقتصادهم المتعثر ".وأضاف: "حتى الآن، لا نعرف ما إذا كان سيشرف على الميناء الفلسطينيون أم الأمم المتحدة أم أطراف دولية أخرى".

وقال المتحدث باسم الحكومة القبرصية برودروموس برودرومو في 26 حزيران / يونيو: "ستكون هناك اتصالات بين الحكومة وجميع الأطراف المعنية في المنطقة، وربما يتم اتخاذ قرار. في الوقت الحالي لم يتخذ قرار يجري درس الطلب، ولم يتم رفضه ".

غير أن نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اعتبر انّ الخطة الإسرائيلية لإنشاء ميناء بحري دون حل سياسي شامل هي خطوة نحو العيش المشترك والتعايش مع الإسرائيليين، الأمر الذي يقوض حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة.

في غضون ذلك، قال محمود مرداوي، أحد قياديي حماس في غزة، للمونيتور: "نحن نبذل جهودًا لكسر الحصار المفروض على غزة والذي سيسمح بحرية حركة الأفراد والبضائع دون أي سيطرة أمنية إسرائيلية. يجب أن يكون ميناء قبرص تحت الإدارة الفلسطينية ".متابعًا، "حماس لن تشارك في أي صفقة لا تشمل إطلاق سراح العشرات من أعضائها المحتجزين". وأضاف، "موقفنا الرسمي واضح. لن نتخلى عن شعبنا في السجون الإسرائيلية، وعن أي مقترحات لتخفيف المعاناة الإنسانية المتصاعدة في غزة ، بما في ذلك ميناء قبرص المذكور". لقد نقلنا بالفعل موقفنا إلى منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط ، نيكولاي ملادينوف ، والسفير القطري لدى فلسطين محمد العمادي نقلوا الرسالة الى اسرائيل ".

وقد تمّ اقتراح ميناء قبرص من قبل حيث أفادت صحيفة "الأخبار" اللبنانية في 27 حزيران / يونيو بأن مصر تعد صفقة بين إسرائيل وحماس، بما في ذلك ممر بحري من قبرص إلى غزة تحت إشراف أمني دولي.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية عن قائد بحري اسرائيلي لم يكشف عن هويته قوله انه تم تقديم خطة للحكومة الاسرائيلية لنقل بضائع من قبرص الى غزة عبر ميناء اشدود. ووفقا للاقتراح، سيتم نقل البضائع عن طريق البحر من قبرص إلى أشدود ، حيث سيتم فحصها لأسباب أمنية ثم نقلها برا إلى معبر إيريز، شمال غزة.

وكان وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتس قد قال في 15 أيار / مايو إن فكرة قبرص البحرية هي فرصة لفتح باب لقطاع غزة دون المرور عبر إسرائيل. وأضاف أن إسرائيل ستحافظ على أمنها من خلال مراقبة أي بضائع قادمة وهذا سيفتح غزة للعالم الخارجي. وقال شتاينتز إن الميناء سيحتاج إلى بضعة أشهر ليتم إقامته ويمكن إغلاقه على الفور إذا قام شخص ما بإساءة استخدامه.

في هذه الأثناء، قال السفير الفلسطيني السابق لدى نيقوسيا، عاصمة قبرص، الذّي لم يرد ذكر اسمه، لموقع "المونيتور": "أخبرتنا قبرص أنها ستناقش فقط خطة عمل الميناء مع السلطة الفلسطينية". لدينا علاقات وثيقة مع قبرص والتي لن تتجاوز السلطة الفلسطينية مع أي قضية تتعلق بغزة. نحن لسنا ضد أي جهد للتخفيف من معاناة القطاع ، ولكن إنشاء ميناء قبرص يعني فصل غزة عن الضفة الغربية. لن يشارك القبارصة في جعل هذا الانفصال يحدث. ووفقًا لمعلوماتنا ، فقد اقترح ليبرمان هذه الفكرة وحده وليس الحكومة الإسرائيلية بأكملها ".

في الوقت ذاته، إنّ قبرص، العضو في الاتّحاد الأوروبّيّ، ملتزمة بقراراته، ولا تستطيع الموافقة على المقترح الإسرائيليّ الخاصّ بغزّة من دون الرجوع إلى الاتّحاد الأوروبّيّ ، فضلاً عن أنّ العلاقات الأوروبّيّة-الإسرائيليّة لا تمرّ في هذه الآونة في أحسن أحوالها، بسبب المعارضة الأوروبية للنشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، وزيادة الاحتجاجات الشعبية الأوروبية ضد السياسات الإسرائيلية المتبعة مع الفلسطينيين، وانتشار ظاهرة حركة المقاطعة العالمية بي دي إس في أوروبا لمقاطعة البضائع الإسرائيلية.

قال خبير الشؤون الإسرائيليّة في صحيفة العرب يالجديد صالح النعامي لـ"المونيتور" إنّ "الهدف من حديث إسرائيل عن ميناء قبرص مخاطبة سكّان غزّة في شكل مباشر من خلف ظهر حماس لتوجيه الضغط عليها، وإجبارها على الموافقة على تخفيف الحصار مقابل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليّين، ممّا يعني أنّ إسرائيل قرّرت محاصرة حماس بالتسريبات الممنهجة الهادفة إلى توجيه ضغط الجمهور الغزّيّ نحو الحركة".

في ظلّ النقاش الفلسطينيّ - الإسرائيليّ حول ميناء قبرص، قد تشهد الأيّام المقبلة المزيد من التفاصيل حوله، لا سيّما في ما يتعلّق بالرقابة الأمنيّة عليه، وماهيّة الدور المناط بحماس أو السلطة الفلسطينيّة، كما لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الناس سيتمكنون من التنقل عبر الميناء القبرصي كذلك وهي قضايا من شأنها دخول الجانبين الفلسطينيّ والإسرائيليّ، والأطراف الإقليميّة والدوليّة في سلسلة مباحثات ومداولات لن تكون سهلة على كلّ الأحوال.

ترجمة وفاء العريضي.

بقلم عدنان ابو عامر نقلًا عن المونيتور