على طريق العودة إلى سوريا خطا نازحو عرسال خطوتهم الثانية بعد عشرة أيام على الخطوة الأولى، وبعد ست سنوات على النزوح إلى البلدة التي ضاقت أرجاؤها بالوافدين، لتستكمل عملية العودة على هذا النحو خلال الفترة المقبلة وبوتيرة أسرع مرهونة بموافقة الأمن السوري على الأسماء التي يرسلها الأمن العام اللبناني رغبةً بالرجوع إلى الوطن.
 

عبر الطرق الجبلية التي سلكوها هرباً من القتل والبراميل المتفجّرة، يعود نازحو عرسال إلى بلداتهم وقراهم في القلمون الغربي (جراجير، السحل، قارة، فليطا، يبرود وغيرها) بعد أن أصبحت آمنة وخالية من المجموعات المسلحة، وينتشر فيها الجيش السوري الذي يستقبل العائدين على الحدود عبر نقطة للأمن العسكري أقيمت هناك للغاية عينها وللتدقيق في الأسماء التي وافق عليها مسبقاً، فيما يُنتظر إستكمال الموافقة على الأسماء التي تمّ تسجيلها وعند الإنتهاء منها يصار إلى تسجيل لائحة جديدة.

عملية العودة
عشرات الشاحنات والجرارات الزراعية والجرافات تجمعت في محلة وادي حميد منذ السادسة صباحاً، حيث إستحدث الأمن العام اللبناني نقطة أمنيّة للتدقيق بالأسماء الموافق عليها من الأمن السوري والتي بلغت 448 إسماً من اصل 3200 كانوا قد سجّلوا أسماءهم في بلدية عرسال ومع مفوضية اللاجئين رغبةً بالعودة، ليغادر السبت 377 إسماً بعد أن سبقهم في الثامن والعشرين من الشهر الفائت حوالى 270 نازحاً.


وبمواكبةٍ وانتشارٍ للجيش اللبناني على طول الطريق التي تصل إلى وادي حميد، وحواجز ثابتة داخل البلدة، وبرعاية المفوضية العليا للاجئين التي انتشر موظفوها بين العائدين يقومون بعمليات تلقيح للأطفال دون الثامنة عشر من العمر، إنطلقت عملية العودة حيث بدأت السيارات تتقدم واحدة تلوة الأخرى إلى نقطة الأمن العام حيث يدقق العناصر بالأسماء وأرقام السيارات التي تمّ تسجيلها. واللافت أمس كان نوعية المركبات المغادرة حيث كان معظمها من الشاحنات والجرافات، إضافة إلى قيام بلدية عرسال بتأمين باصات لنقل النازحين الذين ليست لديهم آليات تقلّهم.


عشرات العائلات اجتمعت تودّع مَن غادر بالبكاء والدعاء باللقاء القريب، وأخرى تسأل إذا تمّت الموافقة على أسمائها، فيما فضّل البعض عدمَ الرجوع خوفاً من التجنيد الإجباري أو محاسبته على معارضة النظام.

 

عائدون


قبل أن يعود صبحي الخطيب وعائلته المؤلفة من زوجته وثلاثة أولاد إلى بلدته فليطا، قال لـ»الجمهورية» إنه كان يرغب بالعودة منذ زمن لكنّ العودة كانت غير ممكنة، وأكّد أنّ العودة إلى بلاده أفضل شاكراً مَن تحمّله خلال تلك الفترة. ورأى أنّ المعاناة نفسها سواء في عرسال أو سوريا لجهة العمل أو الدخول والخروج، لافتاً إلى أنّ حال منزله هناك لا يزال جيداً.


بدوره، إبن بلدة فليطا أيضاً فرحان غصن عاد مع الذين تمّت الموافقة على أسمائهم ولكن إلى منطقة يبرود حيث سيقطن هناك إلى حين تصليح منزله الذي تدمّر جزءٌ منه جراء الحرب، فيما يقول ولده محمد «شو ما كان المهم راجعين عبلادنا».


أما أحمد عودة فهي المرة الثانية التي يوافق على إسم زوجته دون الموافقة على إسمه، ما دفعه لعدم إرسالها في انتظار «الفرج» في الدفعة الثالثة، وفق قوله.
ومن نقطة التجمع قرب الملاهي في وادي حميد إنطلق النازحون العائدون بمواكبة الأمن العام والصليب الأحمر إلى معبر الزمراني حيث الأمن السوري أقام نقطةً للتدقيق في الأسماء، وبعد الإنتهاء تمّت مواكبة القافلة من قبل الجيش السوري.

 

الأمن العام


وكانت أعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان، أمس الأول، أنه «في إطار متابعة موضوع النازحين السوريين الراغبين بالعودة إلى بلداتهم قامت المديرية العامة إعتباراً مـن صباح اليوم (السبت) وبالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR وحضور مندوبيها بتأمين العودة الطوعية لـ377 نازحاً سورياً من مخيمات عرسال إلى سوريا وقد واكبت دوريات من المديرية العامة للأمن العام النازحين الذين انطلقوا بسياراتهم وآلياتهم الخاصة اعتباراً من نقطة التجمّع في وادي حميد حتى معبر الزمراني الحدودي».