هل تشعرون بعد استيقاظكم من النوم بجفاف في الفم وألم في الرأس؟ وهل تعانون من الشخير ليلاً والتعب ومشكلات في التركيز والذاكرة خلال النهار، أو من الغضب والتوتر غير المبرَّرين؟ اذا كانت اجابتكم ايجابية فقد يدلّ ذلك على اصابتكم بانقطاع التنفّس الليلي. فما هي هذه المشكلة وكيف تتخلّصون منها؟
 

يعاني البعض من انقطاع التنفس أثناء النوم لثوانٍ، بسبب تضيّق المجاري الهوائية، وهذه المدّة القصيرة قد تكون كافية للتأثير على الحياة اليومية للمريض، وعلى مضاعفات قد تهدّد حياته.

في هذا السياق، كان لـ"الجمهورية" حديث خاص مع الاختصاصية في الامراض الصدرية الدكتور لينا أبو حمد الراعي التي استهلّت حديثها قائلةً: "هي فعلاً حالة شائعة نجدها بكثرة خصوصاً مع مشكلة الوزن الزائد التي بتنا نلاحظها كثيراً عند الناس في يومنا هذا. في المقابل، ما زالت هذه المشكلة غير مشخَّصة جيّداً رغم أنها تصيب الجميع وفي كل الأعمار، إلّا انه يوجد بعض العوامل غير الوزن الزائد التي تحفّز الاصابة، كالذين يعانون من مشكلات في الانف والحنك، كما أنّ الرجال هم الاكثر عرضة اضافةً الى المدخنين والذين يحستون الكحول".

ماذا يحصل؟

ينقطع التنفس عند المريض للحظة ليلاً نتيجة تضيّق في المجرى، عندها يقوم الجسم بردة فعل فيستيقظ من نومه. ولكن اذا لم يكن مع المريض شريك خلال الليل، فكيف يمكن أنّ يعلم انه مصاب؟ تجيب د. الراعي "عدد من العوارض غير المبرّرة تظهر في اليوم الثاني وتدفع المريض الى التفكير باستشارة الطبيب، لا سيما جفاف الفم والم الرأس صباحاً، التعب خلال النهار دون سبب، صعوبة في التركيز، مشكلات في الذاكرة، الغضب والتوتر أيضاً دون سبب، والشخير. وفي مرحلة متقدّمة، يشعر المريض عند استيقاظه في الليل أنه يختنق. صحيح أنّ هذه العوارض لا تهدّد حياة المريض، الّا أنّ تطورها يمكن أن يسبّب مضاعفات قاتلة كالنوم خلال قيادة السيارة مثلاً، ومن جهة اخرى يكمن الخطر عند تكرار توقف الاوكسيجين إثر انقطاع التنفس عن القلب والشرايين ما يسبّب مشكلات في المستقبل، كالنوبة القلبية أو الجلطة الدماغية، اضافةً الى عدم انتظام الضغط عند المريض رغم التزامه بالادوية المخصّصة له".

قناع الهواء

يلاحظ في بعض الاحيان اطباء القلب هذه المشكلة لا سيما عندما لا تكون ادوية الضغط فعّالة عند المريض دون أيّ تفسير منطقي، فيشكّون بإصابته بانقطاع التنفس الليلي ويوجّهونه عند المختص في الامراض الصدرية.

وبحسب د. الراعي "لتأكيد الإصابة، نبدأ بتحليل عوارض المريض، لنخضعَه بعدها الى فحص "Polysomnographie"، وهو عبارة عن مجموعة اسلاك تثبَّت في اماكن معيّنة على جسم المريض بهدف تأكيد التشخيص... وعلى الاثر، ينام المريض مع هذه الاسلاك ليلة كاملة في مختبر مخصّص لهذا الفحص، وتصدر النتيجة في اليوم الثاني فنكتشف كيف اثّر هذا الانقطاع على المريض. بعدها نحدّد العلاجات المناسبة، فإذا كان يعاني من الوزن الزائد ننصحه بحلّ هذه المشكلة، واذا كانت المجاري العليا مغلقة في أنفه فنضع له "بخاخات" لفتحها، بينما اذا كان البلعوم مغلقاً لا سيما عند الاطفال فيكون الحلّ جراحياً. من جهة اخرى، اذا لم توجد أيّ مشكلة طبية من التي ذكرناها عندها نصف له آلة طبّية مخصّصة لهذه المشكلة، وهي كناية عن قناع يضعه على وجهه ويكون موصولاً بهذه الآلة التي تضخّ الهواء على مدار الليل بهدف المحافظة على المجرى مفتوحاً، وتجدر الاشارة الى أنه لا علاقة لها بآلة الاوكسيجين. وتُعتبر هذه الوسلية العلاجية الامثل، وتتغيّر إثرها حياة المريض، فرغم انها قد تزعجه في الاسبوع الاول من استعمالها الّا انه سيلاحظ بعدها فعاليّتها لا سيما عندما سيستيقظ نشيطاً في اليوم التالي ويصبح منتجاً اكثر في عمله ويبتعد عن التوتر والغضب غير المبرَّرين. واذا تمكن من تخفيف وزنه عندها قد يتوقف عن استعمال هذه الآلة وإلّا رافقته طوال حياته".

واختتمت د. الراعي حديثها ناصحةً "بضرورة التمتّع بالوعي ازاء ايّ مشكلة قد تغيّر حياتنا، والالتزام بالفحوصات الدورية لاكتشاف المشكلات الطبية إن وجدت، بهدف العلاج المكبر الذي يكون فعّالاً، وبالطبع المحافظة على حياة صحّية التي هي مدخل الوقاية من الامراض المختلفة".