الشعار الأحب على قلب الوزير جبران باسيل “اكذب، اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس”، وهذا ما ينطبق على كل حملته على “القوات اللبنانية” وآخر فصولها مقدمة نشرة الـ”otv” اليوم الجمعة وكل ما ورد فيها من تقارير “غوبلزية” تضليلية.
 

سألت المحطة المذكورة: “كيف تتوقع “القوات اللبنانية” بعد اليوم أن يُصدق الناسُ طوباويتَها، وترفعَها عن المحاصصة، في وقتٍ كشفت بنود الاتفاق المسربة مدى اهتمامِها بالحصص الوزارية والادارية، كمعبرٍ الزامي لإنهاء الشغور الرئاسي”؟
 

والجواب: “أهمية هذا السؤال تكمن في الإقرار بان المحاصصة طبيعية لدى الوزير باسيل ومشروعة ومن ضمن خبزه اليومي، ولكن عقدة الوزير باسيل هي ان صورة “القوات” أنقى منه بمسافات ضوئية، ومن هذا المنطلق يصبح تساؤل المحطة مشروعًا، وبكل بساطة ما تفعله “القوات” في العلن هو نفسه في السر، فلا مواقف للخورية وأخرى للرعية، وفي النص نفسه جملة واضحة جدًا تؤكد ان الاتفاق على توزيع المراكز يأتي “وفقًا لمعايير الكفاءة والنزاهة”، و”مع احترام الآلية المقرّة في مجلس الوزراء”. فـ”القوات” لا تريد أن تبقى التعيينات مشاعًا، وكل ما تريده المساواة في التعيينات مع الطوائف الأخرى، إنما مع التشديد على الآلية والكفاءة، اي بعيدًا عن المحسوبيات والفئويات والاستزلام…
 

وسألت المحطة نفسها: “لماذا أقدمت “القوات” على التسريب، بعد زيارة رئيسِها لبعبدا ورياشي لباسيل؟ وهل هناك من وراء الحدود من يدفع بها وبسواها الى التصعيد لمنعِ التشكيل؟ مع الاشارة الى ان الوزير جبران باسيل كان اول من تحدث عن بنود الاتفاق، معددًا عناوينَها العريضة خلال حلقته التلفزيونية الاخيرة، ومفضِلا في الوقت نفسه عدمَ توزيع النص لعدم صبِّ الزيت على النار، حفاظًا على ما تبقى”.
 

والجواب: “يصح القول في هذا السؤال يلي استحوا فعلا ماتوا، لأن “القوات” أقدمت على التسريب بعد ان واصل الوزير باسيل حملته على رغم زيارة الدكتور سمير جعجع لبعبدا والوزير ملحم رياشي للوزير باسيل! و”القوات” اعتبرت بوضوح ان مواصلة باسيل تصعيده بعد مبادرة بعبدا هو استهداف لبعبدا، كما اعتبرت ان حجم التضليل حول الاتفاق يستوجب نشر مضمون التفاهم من اجل وضع النقاط على الحروف”.
 

وأما الكلام عن خلف الحدود فهو كلام باطل وسخيف ومردود لأصحابه الذي يتحركون بإشارات إقليمية معلومة من الجميع. ولماذا اعتبار توزيع النص بمثابة “صب الزيت على النار”؟ ولماذا الخجل من نص ممهور بتوقيع من يعد العدة لخلافة الرئيس عون، أي الوزير باسيل طبعًا؟
 


 
وسألت المحطة إياها: “ألا يؤكد التسريب المؤكد، لناحية أن جوهر تفاهم معراب سياسي؟ وهل من المنطق أن تطالب “القوات” بتطبيق الفَرع، أي التوزير والتعيينات، طَالما لم تلتزم بالأصل، أي دعم العهد؟ وألا يدفع ما جرى بالناس الى تذَّكُر المحطات التي تَعَرض فيها تفاهم معراب للخرق من جانب “القوات”، بدءًا بالترشيحات النيابية بلا تنسيق، ثُم ازمة الرئيس الحريري في السعودية، واتهام العهد والتيار من دون سواهُما بالفساد، فضلاً عن محاولة ضرب الاعراف الخاصة بحق أي رئيس في تعييناتٍ محددة، منذ اليوم الاول للعهد”؟
 

وفي الإجابة نقول: “من لم يلتزم بالاتفاق هو الوزير جبران باسيل الذي انقلب عليه منذ اللحظة الأولى لتأليف حكومة العهد الأولى من خلال رفضه ما جاء في أحد أهم بنود الاتفاق “يشكَّل فريق عمل من الطرفين لتنسيق خطوات العهد وسياساته تبعاً لنظرة الفريقين سويّاً”. فمن رفض تشكيل فريق العمل؟ الوزير باسيل. ولماذ رفض باسيل تشكيل فريق العمل؟ لأنه يريد الإطاحة بالتفاهم، ولأنه لا يريد الشراكة، ولأنه يريد التخلص من التفاهم.
 

وأما القول بان “القوات” اتهمت العهد و”التيار” من دون سواهُما بالفساد، فهذا الكلام غير صحيح، “القوات” كانت في موقع المتلقي باستمرار لحملات باسيل عليها، وفي مطلق الأحوال اذا كان تفاهم معراب يعني بعرف الوزير باسيل السكوت عن الصفقات، فهذا لن يتحقق. لقد وافقت “القوات” على اكثرية مشاريع التيار “الوطني الحر” ولم تعترض الا على صفقة البواخر التي اعترض عليها السواد الأعظم من الشعب اللبناني ومعظم مكونات الحكومة وادارة المناقصات، فهل المطلوب كان من “القوات” ان تساير باسيل في صفقة البواخر لكي يكون اتفاق معراب بخير، كلا والف كلا…
 

والقول ان “القوات” لم تعترض الا على وزراء “التيار” غير صحيح بدليل تأييدها مراسيم النفط ومعارضتها لتلزيم الميكانيك والبطاقات الممغنطة بالتراضي وغيرهما من الملفات. وهل معارضة “القوات” لتلزيم الميكانيك يعني مهاجمتها لتيار “المستقبل”؟ إطلاقا، ولماذا لم يتعامل “المستقبل” بنفس طريقة تعامل باسيل؟ للقوات سياسة واضحة وهي معارضة اي مناقصة بالتراضي ومشبوهة، ومن هذا المنطلق بالذات كان موقفها من الكهرباء والميكانيك وغيرهما…
 

وفي موضوع الفساد أيضا يصح في موقف الوزير باسيل القول المأثور “يللي في مسلة تحت باطو بتنعرو”، في كل مرة تتحدث فيها “القوات” عن الفساد يقول باسيل لماذا تتهموننا بالفساد، ولكن في الواقع اذا كان باسيل يتهم نفسه بالفساد فهذه مشكلته… كل القوى السياسية تتحدث عن الفساد يوميا فلا تعتبر “القوات” نفسها معنية بهذا الكلام، وباسيل نفسه يهاجم الفساد في كل إطلالاته ولا تعتبر “القوات” نفسها معنية بكلامه؟
 

وهذا غيض من فيض ما يمكن قوله، ومهما يكن من أمر فإن كشف “القوات” لنص تفاهم معراب هو كشف للمستور، وكشف لانقلاب الوزير باسيل على تفاهم معراب والمصالحة المسيحية، وما حصل في الانتخابات قدم أقوى دليل على خطة باسيل لتحجيم “القوات”، ولأن الناس قالت كلمتها دعما للقوات راح يفتش عن كيفية عزلها، وعندما عجز راح يفتش عن كيفية تحجيمها، وكل ذلك لأنه قرر أيضا الإطاحة بالعهد بعدما وضع نصب عينيه أولويته الرئاسية على حساب أولوية العهد، وهذه الأولوية بالذات أطاحت، ويا للأسف، بكل شيء.