أهلنا الأعزاء في البقاع، مصيبتنا ومصيبتكم واحدة فلا تسمحوا للمصطادين الجدد والقدامى، بالعزف على وتر جنوبي - بعلبكي
 

أن يصبح الطموح الإنمائي لأهلنا وإخواننا الشيعة خصوصًا في مناطق بعلبك الهرمل هو التماثل والمقارنة مع المناطق الشيعية في جنوب لبنان لعمري هو أمر يثير الدهشة أولًا، ويكشف عن حجم الإهمال المريع في تلك المناطق العزيزة على قلوبنا، وعن حجم المعاناة والإهمال التي يعيشونها.

صحيح أن المفاضلة أو المقارنة بين الجنوب من جهة وبين بعلبك الهرمل من جهة ثانية جائزة من حيث المنطق في دولة المحاصصة والحصص وتوزيع "الغنائم"، مع لحاظ أن المرجعية السياسية لكلتا المنطقتين هي نفسها والمتمثلة هذه الأيام بالثنائية الشيعية حركة أمل وحزب الله.

يبقى أن المغالطة الكبرى هي اعتبار أن الجنوب والجنوبيين يعيشون "بمهد عيسى" في حين أن بعلبك الهرمل تعيش الحرمان والإهمال، وهذا الإيحاء أو الإستنتاج هو مجافي للحقيقة حتمًا، فالجنوب تمامًا كما البقاع كما كل المناطق اللبنانية يعيش نفس المأساة والمعاناة على مستوى كل الخدمات، كما الإنحدار الاقتصادي والعوز والبطالة والتفلت الأمني والسطو على الأملاك العامة.

فالعدد القليل بالفارق بين الحصص في التوظيف بالدورة الأخيرة لأمن الدولة، أو "دحش" بعض الأزلام والمحسوبيات في ملاك الدولة، لا يعني أن عشرات آلاف الشباب في الجنوب من حملة الشهادات ليسوا "مشلوحين" في بيوتهم وعلى الطرقات وساحات القرى مع أراغيلهم، أو على أبواب السفارات.

إقرأ أيضًا: سر إهتمام حزب الله المفاجئ بعودة اللاجئين

أهلنا الأعزاء في البقاع، لا يغرنكم بعض الطرقات المزفتة عندنا بالجنوب (على إثر الحرب المدمرة 2006) مما قد يوحي أننا في أحسن حال! فالفقر والعوز والشحار والتعتير قد عشعش في بيوتنا كما بيوتكم تمامًا، والإغتراب قد أكل أعمار شبابنا تمامًا كما يضيع شبابكم بانتظار العفو.

أهلنا الأعزاء في البقاع، أُنبئكم بأن أكبر استثمار تجاري في الجنوب هو إما استراحة على ضفاف الليطاني الملوث وإما محل لبيع الأراغيل المنتشرة في قرانا كالفطر.

أهلنا الأعزاء في البقاع، يكفي بهذه الأيام أن تقوموا بجولة في قرى جنوبنا "الأبي" لتشاهدوا سترنات المياه وهي تفرغ حمولتها في بيوتنا (ولو انها تسير فوق الزفت) لتدركوا بأي حال نحن نعيش، فما بالك بمستشفياتنا وجامعاتنا، هذا من دون ذكر التسلط والتفرد والتصحر الثقافي والفكري.

أهلنا الأعزاء في البقاع، مصيبتنا ومصيبتكم واحدة فلا تسمحوا للمصطادين الجدد والقدامى، بالعزف على وتر جنوبي - بعلبكي، فنعيش نحن على حرير وهمي غير موجود، وتعيشون أنتم على غضب مبارك بغير مكانه الصحيح.

أهلنا الأعزاء في البقاع، نحن واياكم في نفس مركب الحرمان، وتُسلب حقوقنا من نفس العصابة المتربعة على صدورنا منذ عقود، الفرق الوحيد بينكم وبيننا هو أن صوتكم أعلى صدحًا وأقوى أثرًا وأعظم جرأة، فخذوا بأيدينا لنكون عونًا لكم، ولا تفرقوا فتذهب ريحنا معًا ... 

أرجوكم "خدونا بحلمكن".