فإن أكذوبة ترامب الأخيرة كانت فضيحة كبرى حيث أنها تستند إلى نائب إيراني محافظ متشدد اعتمد بدوره على أكذوبة اختلقها موقع معارض إيراني
 

من سخرية القدر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يكرر أكذوبة قالها نائب قم في البرلمان الإيراني الشيخ مجتبى ذو النوري قبل أيام ثم نقلتها قناة سكاي نيوز التي هي فعلا مصدر أساسي لقرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب. 

وفي سياق رفضه لقرارات سلفه أوباما، قال ترامب: "كشفنا مؤخرا ان حكومة اوباما خلال المفاوضات النووية السيئة قررت منح المواطنة ل 2500 إيراني ومنهم مسؤولون ايرانيون! كم هذا الأمر مهم وسيء؟!"

تلك الأكذوبة التي كررها الرئيس الأميركي ترامب ليست حديثة الولادة بل انها شائعة أشيعت  قبل عام والنصف قبل مجيء الرئيس ترامب. 

وبما أن الخبر انطلق من وحي خيال مجهول لم يجذب اهتماما يذكر ومر الإعلام به مرورًا كرامًا. 

واللافت أنه بعد تصريحات نائب مدينة قم حول تجنيس حكومة اوباما 2500 من الإيرانيين رد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية على اسنفسار مراسل قناة بي بي سي الفارسية عن الموضوع بالقول: "اننا لسنا معنيين بالموضوع ولسنا ملزمين بالتعليق على كل ما يتفوه به السلطات الإيرانية. "

ولكن الرئيس ترامب لم يتكلف بالتحري عن الحقيقة واكتفى بتقرير قناة سكاي نيوز ليتهم حكومة اوباما بإرشاء إيران. 

أثار اتهام ترامب استغراب المسؤولين في إدارة اوباما وجعلوا ترامب في موقف محرج. 

إقرأ أيضًا: روحاني هدّد بإغلاق مضيق هرمز

وقال جان كربي المتحدث السابق للخارجية الأميركية ان "ترامب استعجل في توجيه الاتهام ولم يسأل المسؤولين في إدارته حيث ان اتصالا واحدا كان يكفي للكشف عن زيف الخبر. "ويقول هادي نيلي مراسل بي بي سي في واشنطن ان "إحصائيات دائرة الهجرة الأميركية لا تدعم تلك الشائعات."

ان شغف ترامب الى التغريد عبر تويتر أوصله لدرجة ينسى الرجل أنه رئيس لدولة تملك أكبر جهاز استخباراتي في العالم.

ما يجمع بين ترامب والنائب الشيخ ذو النور هو كرههما للرئيسين اللذين أنجزا الاتفاق النووي. فإن النائب ذو النور هو جنرال سابق للحرس الثوري وتقاعد قبيل ترشيحه للانتخابات النيابية قبل أعوام وهو لا زال مدعوم من الحرس الثوري وكان يعارض الإتفاق النووي وأظهر عداءه للمفاوضات النووية والمفاوضين وهو رئيس لجنة دراسة الاتفاق النووي في البرلمان الإيراني. والغريب أن هذا النائب المعمم (رجل دين) الذي كان يعارض الاتفاق النووي ويعتبره سيئا وعلى حساب المصالح الإيرانية، قام بحرق العلم الأميركي بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي داخل مبنى البرلمان الإيراني وخلال الجلسة العلنية الرسمية مع الهتاف بشعار "الموت لأمريكا. "

وفي المقلب الأمريكي فإن الرئيس ترامب هو أكبر عدو لسلفه الرئيس أوباما الذي أدى دورا حاسما لإنجاز الاتفاق النووي واللافت في كلتا الحالتين هو أن مشكلة النائب الإيراني رجل دين ذوالنور مع الرئيس روحاني اكثر مما هي مع الاتفاق النووي ذاته كما. ان الرئيس الأميركي ترامب مشكلته مع أوباما اكثر مما هي مع الانفاق النووي. 

وأياً تكن الحال فإن أكذوبة ترامب الأخيرة كانت فضيحة كبرى حيث أنها تستند إلى نائب إيراني محافظ متشدد اعتمد بدوره على أكذوبة اختلقها موقع معارض إيراني. النائب الإيراني ذو النور حاول فضح فريق الرئيس حسن روحاني عبر اتهامهم بالحصول على جنسيات أمريكية لذويهم مقابل الموافقة على نص الاتفاق النووي وحاول ترامب فضح أوباما عبر اتهامه بمنح 2500 جنسية لايرانيين. 

ولكن الفضيحة الحقيقية هو اللجوء إلى الكذب لتحقيق غايات سياسية.