بربّكُم، هل يوجد أقوى من هذا العهد بأقطابه مجتمعين وفُرادى؟
 

أولاً: في العراق..النفط مقابل الغذاء...


في العراق..أثناء الفترة الأخيرة من حُكم صدام حسين، وتحت ضغوط العقوبات الدولية الصارمة على البلد جرّاء الغزو العراقي لدولة الكويت، وأمام صيحات الاستغاثة لنجدة أبناء العراق، وخاصّةً الأطفال الذين قاسوا ويلات الجوع وآلام المرض والأوبئة، سمحت الأمم المتحدة ببيع النفط العراقي مقابل الغذاء، ومع ذلك، فقد أساء النظام استخدام هذا البرنامج لصالح شعبه، ومن مخازيه التي تكشّفت بعد سقوطه، أنّ بعض قسائم النفط مقابل الغذاء، كان قد وزّعها صدام على بعض الأبواق الإعلامية العربية بلا وجه حقّ أو فائدة تُرجى، والمخفي أعظم طبعاً.

إقرأ أيضًا: سالم زهران ومرسوم التجنيس .. خذوا أسرارهم من صغارهم

 

ثانياً: في لبنان..النفط مقابل الألياف الضوئية (fiber optics) ...

ظلّ ملفّ استخراج النفط والغاز في لبنان في أقبية الحُكّام بانتظار الاتفاق على برنامج المحاصصات المعهودة، وهكذا ظلّ في سُباتٍ عميق حتى صحا على المحاصصة المشهودة في قصر عين التينة بين الوزير جبران باسيل والرئيس نبيه بري، بحيث ينال باسيل فضل الإشراف على الإجراءات اللوجستية للبقعة الشمالية، والتي دعيت (بلوك2)، ويحظى الرئيس بري بتلك المتعلقة بالبقعة الجنوبية (بلوك9) ،ليتساءل كثيرون عندها عن حُصّة الرئيس الحريري من الغنيمة؟ ليتّضح فيما بعد أنّ صفقة الألياف الضوئية لدولة الحريري هي مقابل نفط وغاز البقعتين المذكورتين أعلاه.

إقرأ أيضًا: لقاء رئيس الجمهورية والدكتور جعجع .. الحكمة والنّوايا الطّيبة في غياب باسيل

 

ثالثاً: عقبات لا بُدّ من تذليلها في الصفقات المشبوهة...

تعترض عادةً عقباتٌ عدّة الصفقات المشبوهة، وهي إذ تبدو تحت السيطرة في قطاع النفط والغاز، إلاّ أنّ صفقة الألياف الضوئية تواجهها عقبات فعلية، فمرسوم الوزير "الجرّاح"، رقم 3260، والذي أعمل فيه الوزير مبضعه، يسمح لشركاتٍ خاصة وضع يدها مجاناً على قطاع الاتصالات، وخاصةً على مشروع الألياف الضوئية، والذي أنفقت الدولة عليه أموالاً طائلة، و تُقدّر قيمته اليوم بعشر مليارات دولار، إلاّ أنّ هذا المرسوم ما زال بحاجة لقرارات تطبيقية، وهذه القرارات تقتضي العودة إلى مجلس الوزراء، أي مجلس وزراء يتمتّع بصلاحيات كاملة، بخلاف ما هو عليه اليوم، أي في حال تصريف الأعمال.
حاول الرئيس الحريري مُؤخّراً بموجب "تعميم" صادرٍ عنه توسيع صلاحيات الوزراء المحددة لتصريف الأعمال، لتشمل "الملفات والمعاملات التي يرى فيها الوزراء المختصّون انطباقها على مبدأ تصريف الأعمال، وأنّ من شأن توقيفها عرقلة تأمين استمرارية المرفق العام، ويمكن للإدارات المعنية استمرار إنجازها واستكمالها وفقاً للأصول المرعية الإجراء، ودون الحاجة للاستحصال على الموافقة الاستثنائية بشأنها".
تعميم يُحرّر الوزير من تبعات موافقة مجلس الوزراء على القرارات التطبيقية لمرسوم الإتصالات، تعميم يُشرّع تصريف الثروة الوطنية (الاتصالات-الألياف الضوئية) تحت بند تصريف الأعمال. ومع ذلك يواصل البعض (ونحن منهم ربما) الاستخفاف بالعهد "القوي"! بربّكُم، هل يوجد أقوى من هذا العهد بأقطابه مجتمعين وفُرادى؟
اطّلع مروان بن الحكم على ضيعةٍ له بالغوطة، فأنكر منه شيئاً، فقال لوكيله: ويحك! إنّي لأظُنُّك تخونني. قال: أتظُنُّ ذلك ولا تستيقنُهُ. قال: وتفعله؟ قال: نعم والله، إنّي لأخونُك ، وإنّك لتخونُ أمير المؤمنين، وإنّ أمير المؤمنين ليخون الله، فلعن الله شرّ الثلاثة.