تجرى اتصالات أميركية - روسية مكثّفة على مستويات عالية من أجل التحضير للقمّة المرتقبة بين الطرفين. وهناك زيارات حصلت وتحصل لهذه الغاية. والقمة ستعقد في هلسنكي في السادس عشر من تموز الجاري، وفقاً لمصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع.

وتشير المصادر إلى أن انعقاد القمة يحتاج الى عمل حثيث والى برنامج سيتم التفاهم حوله، والى شروط محددة، والى اتفاق على النقاط التي سيتم بحثها. فهناك مطالب اميركية من روسيا في سوريا في اطار بحث الملف السوري، وهناك ملفات اوكرانيا، والعقوبات الغربية على روسيا، وملفات الشرق الاوسط، والدور الايراني فيها، وما آلت اليه التطورات بالنسبة الى الاتفاق النووي. وبالتالي يتوقع ان تحقق القمة بعض المطالب لدى الطرفين، وستشكل مقدمة لتغيرات في مسار الوضع السوري وفي ملفات المنطقة. ثم هناك الموضوع الفلسطيني، اي ان رزمة ازمات ستتم مقاربة معينة لها في القمة بعد درسها جيداً في التحضيرات، ويُفترض من خلال اللقاءات التحضيرية ان تتبلور التوجهات تمهيداً لاتخاذها كمخرجات للقمة.

وتفيد المصادر، بأنه عندما يتفاهم الاميركيون والروس على مواقف معينة، ليس هناك من قوة في العالم يمكنها الوقوف في وجه تفاهمهما. وهذا ما ينطبق على الدور الايراني، بحيث ان ايران ستنفذ اي تفاهم يتم في القمة، وان كانت غير مرتاحة للتنسيق القائم بين الدولتين العظميين في سوريا. وهذا ما يظهر من تصريحات لـ "حزب الله"، ومن مواقف تنقل عبر القنوات الديبلوماسية.

وسيكون للعامل الاسرائيلي دور مهم في ما ستتّخذه القمة من توجهات بالنسبة إلى ملفات المنطقة. وهذا يظهر في مقاربة الازمة السورية، والمشكلة الفلسطينية، لكن ليس من حلّ آخر، ولا يمكن القول ان ازمات المنطقة ستنتهي من خلال عقد القمة، الازمة السورية طويلة. واذا كان ثمة اتفاق اميركي - روسي على التوصل الى حل في سوريا، فإن القمة قد تساهم بإيجاد أطر لذلك، والبدء برسم معالم أطر الحل. وبالنسبة الى لبنان، فإن أوضاعه ستتأثر بأية توجهات جديدة قد تبلورها القمة، سواء من حيث الملف السوري او من حيث تطور الموقف في التعامل مع الدور الايراني. لكن واشنطن وموسكو تهمّهما ثوابت معينة حيال لبنان وعناوين رئيسية، هي الاستقرار والامن ومساعدته تبعاً لدوره في استقبال النازحين السوريين في انتظار التوصل الى حل للازمة السورية وعودتهم.

لكن لبنان لن يكون بنداً رئيسياً امام القمة، لانه لا يشكل اولوية دولية، والمهم الإبقاء على وضعه مستقراً في كافة المجالات. والاستقرار الذي ينعم به نسبة الى دول المنطقة يتجسد من خلال تقاطع مصالح اميركية - روسية حول ذلك. وبالتالي، ستستمر المظلة الدولية التي تحمي لبنان، وفي الوقت نفسه اية تفاهمات كبرى في مجال الازمة السورية او الدور الايراني في المنطقة، والذي يتوقع الاميركيون من الروس ضبط ايقاعه، لا بد انها ستؤثر في مسار الوضع اللبناني.

والادارة الاميركية عملت في الآونة الاخيرة على تحسين شروطها في اللعبة السياسية في المجال السوري، وفي مجالات اخرى في ملفات المنطقة والعالم. وهناك توجه غربي جديد يقول بأنه لا يمكن حل الازمة في سوريا الا بالطرق السلمية والحوار والتفاوض. لكن هذا المنحى يُنتظر من القمة بلورة تفاصيله ووسائله، والوضع في الجنوب السوري سيكون محور بحث في القمة لا سيما بعد السكوت الاميركي عمّا يحصل هناك .

وموضوع إعادة ترتيب العلاقات الاميركية - الروسية، سيكون بنداً اساسياً في القمة، بحسب المصادر، لا سيما وأن هذه العلاقات مرّت في اوضاع سيئة تارة، وأقلّ سوءاً تارة اخرى. لكن الاكيد ان صفحة جديدة من هذه العلاقات ستُفتح بعد القمة. وان ملفات المنطقة لا يمكنها ان تعالج من دون التفاهم الاميركي - الروسي.