أشار المعارض السوري الكردي ورئيس المجلس الوطني السوري السابق ​عبد الباسط سيدا​ الى أنه حتى الساعة لا توجد معلومات واضحة دقيقة حول اتفاق روسي-أميركي يحدد وضع الجنوب السوري، وربما وضع سوريا والمنطقة بصورة عامة، لافتا الى أن "المعطيات التي نتلمسها واقعاً على الأرض تؤكد وجود اتفاق ما، والا لما كان هذا الاندفاع والتمادي الروسيين بهدف احداث تغيير سريع في المنطقة، يكون موضوعاً من الموضوعات التي ستتمحور حولها الصفقة الاميركية-الروسية الخاصة بسوريا في لقاء القمة القريب بين الرئيسين الاميركي ​دونالد ترامب​ والروسي ​فلاديمير بوتين​". وقال: "بطبيعة الحال إسرائيل ليست بعيدة عن الموضوع، بل ربما كانت من أكثر المستفيدين منه".

واعتبر سيدا في حديث لـ"النشرة" أن ربط اتفاق الجنوب بالانسحاب الايراني من المنطقة، يعيدنا لكون موضوع هذا الإنسحاب "بات هو الآخر الشماعة الشبيهة بالدور الذي أنيط بداعش. ف​إيران​ وأذرعها، لا سيما ​حزب الله​، كانت موجودة مقابل غضّ نظر واضح لافت أميركي و​اسرائيل​ي. وقد كانت ايران، وما زالت، أداة لإنهاك الدول العربية واستنزافها، وتهديد ​تركيا​، وإرغامها على السير في المسارات التي تنسجم مع التوافقات العامة بين اللاعبين الكبيرين: ​روسيا​ وأميركا". وأضاف: "الإنسحاب الإيراني العلني من سوريا سيكون مقابل تثبيت نظام ​بشار الأسد​، وهذا بالنسبة للإيرانيين هدف استراتيجي، نظراً لما يحقق ذلك لهم من حفاظ على مصالحهم وتوجهاتهم التوسعية سواء في سوريا أو في لبنان".

وردا على سؤال، اعتبر سيدا أن موسكو تتحرك بموجب التوافق العام مع الأميركيين. وقال: "ربما هناك خلافات وتباينات حول التفاصيل، ولكن في المحصلة نلاحظ أن التوافق يظل سيد الموقف. هذا ما شاهدناه في حلب والغوطة وفي عفرين، وما نلاحظه اليوم في الجنوب، وربما قريبا في المنطقة الشمالية الشرقية أيضاً". وأضاف: "الدور الروسي هو الدور العنيف الشرير. أما الدور الأميركي فهو الدور الذي يقوم على مقارعة الشر والانتصار للحق. ولكن في نهاية المطاف سيكون الفيلم المنتظر بتكامل الدورين".

ورأى سيدا أنه منذ البداية "لم يكن هناك أي حل سياسي للأزمة السورية، انما كلام عام تضليلي إيهامي إيحائي حوله". وقال: "كل "الانتصارات" التي حققها النظام بمساعدة حلفائه في نطاق التفاهمات الدولية كانت أثناء جولات جنيف العبثية. ومن ثم كان مسار آستانة، وعراضة سوتشي. وقد أدى كل ذلك إلى تفكك المعارضة، وتشتت قواها، ودمج العديد من القوى الأقرب إلى النظام ضمن وفد المعارضة، وإبعاد "المتشددين" وفق مطلب سيرغي لافروف. وقد كان ذلك هدفاً مستمراً للروس الذين أرادوا إضعاف المعارضة وتهميشها وتمزيقها وتمييعها. وبالفعل تمكنوا من ذلك بمساعدة بعض المحسوبين على المعارضة". وأضاف: "كما أراد الروس الحفر تحت مسار جنيف والالتفاف حول بيانه والقرارات الدولية المعنية، بغية افراغ كل ذلك من محتواه".

ولفت سيدا الى أن "الكل في انتظار خلاصات ونتائج التوافقات بين الروس والاميركيين، وفي الخلفية اسرائيل"، معتبرا أن "الدول الإقليمية ستلتزم أدوارها مقابل بعض المكاسب أو التطمينات. اما السوريون معارضة وموالاة، فهم خارج القوس، إن لم نقل خارج المعادلات نهائياً. هم مجرد واجهة "لشرعنة" التوافقات الدولية على بلادهم".

وتطرق سيدا لملف النازحين، فشدد على أن "عودتهم مطلب سوري قبل أن يكون مطلب أي طرف آخر"، لكنه أشار الى ان "هذه العودة لن تكون ممكنة من دون ازالة أسباب خروج هؤلاء من بلادهم، ودون معالجة الآثار القاسية التي خلفتها سبعة أعوام من القتل والتدمير، وتفتيت النسيج المجتمعي وإتلاف البنى التحتية". وأضاف: "أما بالنسبة للتعاطي اللبناني مع الموضوع فهو غير متجانس، يختلف تبعاً لمواقع ومواقف ومصالح القوى اللبنانية المختلفة من هذا الموضوع".

ورأى أن "الكل بات تحت وطأة الرأي العام الذي شكّله فريق الحكم في لبنان بغية توظيف قضية النازحين لغايات نفعية محلية سياسية، والتزاماً بالتوجيهات القادمة من وراء الحدود". وختم: "لبنان لن يستقر من دون استقرار سوري حقيقي، فطالما جارك غير مرتاح لا يمكنك أن ترتاح، أما الترويج لمقولة أن النظام قد انتصر في سوريا، وعلينا الاعتراف بذلك، فمؤداه الاعتراف بسلطة حزب الله، أي يران، المطلقة في لبنان".