هل تشكيل الحكومة مرتبط بما سينتج عن مقررات هلنسكي بين ترامب وبوتين؟
 

رئيسا المجلس والحكومة سيكونان في إجازة عائلية خارج لبنان. 

وبناءً عليه يكون ملف التأليف الحكومي في إجازة، ولأنَّ الوضع هكذا فإنَّ زيارة الرئيس الحريري لقصر بعبدا لم يكن الغاية منها حمل تشكيلة جديدة بمقدار ما كانت تثبيت هدنة التأليف إلى حين انتهاء الإجازات. 

على ماذا تم الاتفاق في هدنة التأليف؟ 

جرى توضيح مسألة الصلاحيات ولا سيما تلك المتعلقة بصلاحية تأليف الحكومة، وهذا ما عبَّر عنه الرئيس المكلَّف بعد الإجتماع. وفي هذا الصدد إستغربت مصادر نيابية متابعة للتطورات التي ترافق عملية تشكيل الحكومة، وتوقفت عند الضجة المفتعلة حول هذه المسألة. وسألت عن الأسباب التي تدفع للتشكيك في تطبيق إتفاق الطائف عند كل إستحقاق مصيري، لا سيما المتعلق بعملية تشكيل الحكومات منذ ما بعد خروج سلطة الوصاية السورية من لبنان ما يوحي وكأن القيادات المعنية قاصرة عن حل هذه المشاكل بالرغم من وجود دستور واضح حددت بموجبه صلاحيات الرئاسات الثلاث لجهة التعاون فيما بينهم. فأين المشكلة، وهل تضارب الصلاحيات بين الرئاستين الأولى والثالثة في مسألة تشكيل الحكومة يندرج في خانة تطبيق الطائف أم القفز فوقه؟ كما جرى التأكيد على أنَّ الحكومة العتيدة ستكون حكومة ثلاثينية وأنَّ حكومة ال24 وزيراً لا تمشي. 

وجرى التأكيد أيضاً على أنَّ كل يوم في تأخير الحكومة ينعكس سلباً على الوضع الإقتصادي الذي يُحذِّر أكثر من خبير في شأنه، أنَّ المهل لتحسينه بدأت تضيق وأنَّ المعنيين يجب أن يدركوا أنَّ مهلة الستة أشهر هي الحد الأقصى المتاح، تحت طائلة وصول الوضع الى نقطة اللاعودة، وعندها لا يعود ينفع البكاء على الاطلال. وما يستلزم التوقف عنده حول الوضعين المالي والإقتصادي، هو أنَّ الإعداد لموازنة العام 2019 يبدأ بعد شهر، حيث يُفترض بالوزارات أن ترفع إلى وزارة المالية موازناتها، فتتولى بدورها جمعها لتعد من خلالها مشروع الموازنة، الذي ترفعه إلى مجلس الوزراء ليناقشه ويقره ويحيله إلى مجلس النواب، فتبدأ لجنة المال والموازنة النيابية درس أرقام الموازنة من ثمّ ترفعها إلى الهيئة العامة، فتكون الدورة العادية الأولى لمجلس النواب والتي تبدأ في تشرين الأول مخصصة لدرس الموازنة ليُصار إلى إصدارها في قانون قبل آخر سنة 2018. 

 

إقرأ أيضًا: أم العقد هي حكومة الصراع على الأمر لي!

 

أين نحن من كل هذا؟ 

كيف سيتمُّ البدء بإعداد موازنات الوزارات فيما الحكومة لم تشكَّل بعد؟

حتى لو تشكلت قريباً، وهذا مستبعد، فماذا عن البيان الوزاري؟ 

وكم سيستغرق من الوقت لإعداده ومناقشته والتصويت عليه لتنال الحكومة الثقة على أساسه. 

ما يمكن قوله في هذا الحال أنَّ الحكومة العتيدة ستكون مسبوقة في كل الإستحقاقات الداهمة، وهكذا من الصعب أن تحقق النقاط التي يجب أن تحققها وفي الوقت المناسب، لأنَّ كلَّ النقاط متأخرة ولا يمكن استلحاقها بسرعة. هنا يخطئ من يعتقد بأن الطريق باتت سالكة امام عملية التأليف على الرغم من النقاش الهادئ بين الرئيسين لمناقشة التصور الذي قدمه الرئيس المكلف والذي لم يتم الاتفاق عليه بين الاثنين ما يعني أن أزمة التأليف ما تزال معقدة ويمكن القول انها بحاجة الى معجزة لتجاوز تلك العقد التي بعضها له علاقة بالداخل وهذا امر طبيعي تفرضه بالعادة لعبة التأليف خصوصاً لجهة الحصص والاحجام. وهذه بالتأكيد قابلة للحل، إذا ما قيست بالأسباب الخارجية التي بدأت تبرز بانعكاساتها على الداخل لتشكل عقبة امام عملية التشكيل ،وبهذ الحالة تصبح الهدنة التي من المفترض ان تشكل الارضية لاعادة الحيوية لعملية التأليف لاتبدو إلا حالة طرفية ومؤقتة، ولا يمكنها ان تؤسس لتلك الحيوية بالنظر لطبيعة الخلافات على علاقة لبنان بالخارج التي ما زالت عميقة ولا يمكن المراهنة على تذليلها لاسيما ما يتعلق منها بعلاقة لبنان مع الدول العربية، ومع الخارج وهذا الامر يعتبره الرئيس المكلف شرطاً لاستمرار التسوية التي افضت الى وصول عون الى بعبدا والحريري الى السرايا، والتي تنص بالاساس على سياسة النأي بالنفس حيال الخلافات العربية – العربية وبالتالي عدم تدخل لبنان في الشؤون الداخلية للدول العربية . فبهذه الحال كيف يمكن للرئيس الحريري ان يقبل التعاون مع "حزب الله" في الحكومة بعد خطاب السيد "نصرالله" الذي دفن فيه سياسة النأي بالنفس عندما تحدث عما اسماه بالعدوان السعودي الاماراتي على الشعب اليمني ، وعند حديثه عن الوضع جنوب سوريا ودور "حزب الله" في تلك العملية، هذه المواقف التي تعكس نفسها على الواقع الداخلي وهي كافية لوقف حركة الاتصالات المتعلقة بحلحلة العقبات الداخلية. فلو كانت أزمة تشكيل الحكومة داخلية لكانت حُلّت من زمان، هذا ما يقوله أصحاب نظرية ربط الداخل اللبناني بالخارج وتطوراته الإقليمية والدولية ومدى تأثيرها على الأزمة اللبنانية في شكل عام، وعليه فإن أوساطاً سياسية متابِعة تتجه إلى تبني رأي الذين يقولون إن الحكومة لن تبصر النور قريباً لأسباب تتجاوز المَخارج غير المستحيلة لتمثيل "القوات" و "الاشتراكي"، إذ أن ثمة صراعًا خفيًا على التوازنات المتّصلة بإدارة السلطة في الداخل وباعتبارات إقليمية غير خافية في لحظة حدة الصراع في المنطقة بين الاطراف الدوليين والإقليميين، وهو الصراع الذي سيكون طبَقاً رئيسياً في قمة هلسنكي بين الرئيسيْن دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في 16 تموز المقبل. 

وتعتقد هذه الأوساط أن هروب المسؤولين اللبنانيين إلى الأمام وتأخير التأليف لا علاقة له بحصة هذا الفريق أو ذاك بمقدار ما هو إنتظار ما ستسفر عنه قمة هلسنكي وما سينتج عنها.