لماذا تعزّزت ثقافة الداعشية في لبنان في الآونة الأخيرة ؟
 

أولاً: عيتاني أمام القضاء...
 

حُكم على الصحافي فداء عيتاني منذ يومين بالحبس والغرامة، (ولعلّ الغرامة أفدح من الحبس..عشرة ملايين ليرة) بسبب انتقاداته لأداء وسلوكيات الوزير جبران باسيل، وليس هذا هو الحكم الأول ولن يكون الأخير طبعاً، فالثقافة "الداعشية" هي السائدة هذه الأيام في ظلّ عهد "قوي" جداً على الهيئات الصحافية والحقوقية وناشطي المجتمع المدني، ومن مظاهر هذه القوّة ملاحقة كاتبي المقالات ومُطلقي التّغريدات التي تتناول مناحي الفساد التي انتشرت في أوساط الحكام والمسؤولين، فما هي يا ترى "الداعشية" كمُصطلح ومفهوم باعتبارها هي السائدة والطاغية.

إقرأ أيضًا: مُغامران لا مُغامر واحد .. النائب جميل السّيد بجانب الوزير باسيل

ثانياً: "الداعشية"...
 

أثبت مصطلح "الداعشية" فعاليته وملائمته لذروة الغلُوّ والتّطرف والظلامية، وذلك على ضفتي الإسلام السّني والشيعي، لتمتد فعاليته بعد ذلك إلى المجتمع بكافة طوائفه ومذاهبه وتوجّهاته وانقساماته، فيصّح أن تقول عن علماني مُتعصّب بأنّه داعشي، كما يصّح على رجال الدين المتعصّبين، ورجال العلم الوضعي المتعصبين، ويصحُّ أكثر ما يصّح على رجال السياسة الفاسدين، الذين يلجأون لقمع الحريات وتكبيل كلّ من يتصدى لمخازيهم بسلاسل القضاء، وهذا الإرهاب الفكري يفوق الإرهاب الدموي الذي مارسته داعش على ضحاياها الأبرياء، لقد ساهمت داعش في تشظية القيم الدينية، وأمعنت في تحوّلها وتردّيها وانحطاطها تحت سيف القمع والإرهاب، ليتحول الدين إلى هذيان جماعي، يحمل في طيّاته الموت والخراب، ولا تنفع في لمّ شعثه لعقودٍ قادمة دعوات الاعتدال والوسطية، كذلك فإنّ السياسيين الفاسدين يُمعنون في إرهاب المجتمع بالملاحقات القضائية التي تنتهي بهم في السجن والغرامة المالية التي لا يقووا على دفعها، في طليعة ضحايا الإرهاب الفكري دُعاة الديمقراطية والدولة المدنية وحقوق الإنسان وحقوق المواطنة وحقوقّ المراقبة والمحاسبة والعقاب للحكام والمسؤولين، وهؤلاء هم الذين سيُلاقون الأمرّين على يد هذه الموجة الظلامية السائدة، والتي لن تستثني مذهباً ولا حزباً ولا جماعة، وستطول للأسف هذه المحنة، فلا تبتئس يا فداء، وعزاؤنا أنّك خارج الوطن، مرتع فسادهم ومخازيهم، خارج الوطن، الذي تحول إلى جنّة ضريبية ، وبتنا نتحسّس يومياً رقابنا، كما نصحنا ذات يومٍ أحد الصحافيين الناطق بلسان هذه الزمرة الطاغية.