يخطئ من يعتقد بأن طريق التأليف أصبحت سالكة بعد الاجتماع الذي عُقد قبل يومين بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري. صحيح أن الرئيسين ناقشا في هذا الاجتماع التصور الذي وضعه الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة العتيدة، لكن الصحيح أيضاً انهما لم يتوصلاً إلى قواسم مشتركة يُمكن ان تشرع الأبواب للخروج من أزمة التأليف التي ما زالت معقدة وربما تحتاج إلى اعجوبة لتذليل هذه العقد التي بعضها داخلي تفرضه عادة لعبة التأليف وأبرزها الاختلاف على تقاسم الحصص وجبنة الحكومة، وهذه العقدة أو العقد قابلة للحل، عندما تصل كل الأطراف إلى الطريق المسدود اذا ما قيست بالأسباب الخارجية التي كانت وراء استقالة الرئيس الحريري الشهيرة، والتي عادت تطل برأسها على الداخل لتشكل عقبة كأداء تجعل التأليف شبه مستحيل ما لم يكن مستحيلاً بشكل قاطع.


أما التهدئة التي يسعى إليها رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، لإعادة بث الروح في مشاورات التأليف فيبدو حتى الآن انها ظرفية ومؤقتة ولا تؤسس لأي أرضية ما دامت الخلافات على علاقة لبنان بالخارج، ما زالت عميقة الجذور، ولا يُمكن البناء على تذليلها، ولا سيما ما يتعلق منها بعلاقة لبنان مع الدول العربية ومع العديد من الدول الخارجية وفق ما يعتبره الرئيس المكلف شرطاً أساسياً لاستمرار التسوية الحالية التي أفضت الى حل أزمة انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة استعادة الثقة برئاسته، والتي تقوم على سياسة النأي بالنفس حيال الخلافات العربية - العربية وبالتالي عدم تدخل لبنان في الشؤون الداخلية للدول العربية.


وللتذكير فقط، فإن أحد أهم الأسباب التي دفعت الرئيس الحريري الى تقديم استقالته من حكومة استعادة الثقة، هو تدخل حزب الله في الشؤون الداخلية للدول العربية بدءاً من انخراطه في الحرب الدائرة في سوريا إلى جانب النظام وليس انتهاءً بتدخله في الشؤون الداخلية للدول العربية الأخرى من المحيط إلى الخليج، فكيف يُمكن إذاً للرئيس الحريري أن يقبل بأن يتعاون اليوم مع حزب الله في حكومة واحدة بعد خطاب السيّد حسن أمس الذي دفن فيه سياسة النأي بالنفس عندما تحدث عما أسماه العدوان السعودي والاماراتي الذي يشن على الشعب اليمني وعندما تحدث عن الوضع جنوب سوريا، ودور الحزب في الحملة التي يشنها جيش النظام على فصائل المعارضة في هذه المنطقة.


هذه المواقف تفرض نفسها على الساحة الداخلية، وهي كافية لوقف حركة اتصالات الوزير المكلف لتذليل العقبات الداخلية التي ما زالت تؤخّر في نظره ولادة الحكومة العتيدة.


صحيح أن أمين عام حزب الله أظهر بعض الإيجابية عندما تحدث عن تشكيل الحكومة وعن وحدة المعايير لكنه نسف كل هذه الإيجابية عندما تحدث عن دور الحزب كلاعب إقليمي أساسي، لا كحزب لبناني يلتزم بسياسة وتوجهات دولته.