سيحاول الرئيس سعد الحريري مع النائب وليد جنبلاط حلّ عقدة التوزير الدرزي، أما على الخط المسيحي فلا يبدو أنّ الآلية التي اتفق عليها في اجتماع بعبدا ستَفي بالغرض.
 

لم تعد العقدة المسيحية مجرد أزمة حصص، بل أصبحت تتصل بالعلاقة المتوترة بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، والتي ليست بنت الأمس.
وفق مصادر مقرّبة من «التيار»، انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون طالبَ الرئيس الحريري في لقائهما في بعبدا بالمعاملة بالمِثل، على قاعدة انّ من يطلب الشيء عليه ان يبادل بالمِثل.

والمقصود هنا انّ عون الذي يراعي الحريري في حجب تمثيل المعارضة السنية، يريد الأمر نفسه بما يتعلّق بـ«القوات اللبنانية»، التي على ما يبدو أصبح «التيار الحر» ينظر اليها على أنها حالة مسيحية شبيهة بالمعارضة السنية. وبالتالي، وحسب هذا المنطق، اذا تصلّب الحريري في رفض توزير المعارضة السنية، فمن حق «التيار» تحديد حجم «المعارضة» المسيحية، أي «القوات».

وترى المصادر أنّ تعامل «القوات» مع «التيار» لم يكن منسجماً مع وثيقة معراب، وانّ الرئيس عون يشعر انّ «القوات اللبنانية» تنتهز أدنى فرصة لشنّ حملات إعلامية ضد العهد، كما في موضوع البواخر وادارة الحكم داخل الحكومة. وقد انتهجت «القوات» منذ اليوم الأول لدخولها الحكومة هذا الاسلوب، كما هي تنتهجه اليوم في موضوع تشكيل الحكومة، الذي يفترض ان يطبخ بعيداً عن الإعلام والحملات.

وتشير المصادر الى أنّ موقف الرئيس عون من «القوات» هو نفسه موقف وزير الخارجية ورئيس «التيار» جبران باسيل، وانّ الأزمة التي تتحكّم بعلاقتهما مع «القوات اللبنانية»، عائدة في جزء كبير منها الى الوزير باسيل، على رغم انه كان قد أعدّ ورقة اتفاق معراب التفصيلية، التي لم تُنشَر، والتي تحوّلت الى ما يشبه المعاهدة السرية.

وفي المعلومات أنّ الورقة التفصيلية لم تتطرق الى موضوع نيابة رئاسة مجلس الوزراء لا من قريب ولا من بعيد، هذا الموضوع الذي يتمسّك به رئيس الجمهورية كعرف.

وتضيف انّ الورقة حدّدت بوضوح الاتفاق على تقاسم حقيبتين سياديتين بين «القوات» و«التيار» في كل حكومات العهد، كما أنّ هذه الورقة تركت لرئيس الجمهورية حرية الاختيار والمفاوضة في حصته من الوزراء المسلمين. كذلك تركت للطرفين، بعد تحديد حصتيهما المسيحية، حرية التبادل مع قوى أخرى بمقاعد وزارية شيعية او سنية. وجزمت بأنّ الورقة تنصّ حرفياً على انّ حصة رئيس الجمهورية في اي حكومة ثلاثينية هي 3 وزراء، فيما حصته في اي حكومة من 24 وزيراً هي 2.

لا تبدو العقدة المسيحية مُتاحة الحل، الّا اذا وافق الوزير باسيل على إعطاء حقيبة سيادية لـ»القوات اللبنانية»، وهذا ما لا يبدو واضحاً الى الآن، إذ انّ باسيل متمسّك بالخارجية، امّا وزارة الدفاع فيعترض «حزب الله» على ان تتولّاها «القوات».

امّا بالنسبة الى نيابة رئاسة الحكومة، فتقول المعلومات انّ الرئيس عون متمسّك بها، وهذا يعني انّ «القوات» إمّا ان تقبل بـ4 حقائب خالية من السيادية، او تستمر العقدة المسيحية في تعطيل تشكيل الحكومة، وسط جنوح الى تعميق الشرخ بين «القوات» و»التيار»، بفِعل تَماهي موقف كل من الرئيس عون والوزير باسيل بضرورة تحديد حجم «القوات»، وعدم إبداء المرونة حتى من حيث الشكل في التعامل مع ما تبقّى من اتفاق معراب.