هل فهم الرئيس الحريري الرسالة السعودية جيداً؟
 

 

 منذ سقوط إتفاق الدوحة وحكومة الحريري الأولى ولبنان يتعرض لعقوبات إقتصادية عربية غير مباشرة ومن هنا بدأت قصة الإنهيار. 

 

في سنة ٢٠١١ ، جاء القرار بالإنقلاب عقب إندلاع الحرب في سوريا، وكلنا نعرف أن في "حزب الله " من يحلل ويقرأ ويخطط وكان التقدير أن سقوط نظام بشار الأسد يعني سقوط "حزب الله"، وحسم الموقف :

يجب أن يكون لبنان تحت السيطرة الكاملة.

إلا أن الجميع يعرف أن لبنان لا يمكن أن يحكم دون مكون أساسي وما دام  السنة خارج الحكم وخارج المعادلة ، تتوقف الإقتصاد، ويمنع السياح العرب من القدوم ، فتتوقف الإستثمارات في قطاع البناء ، فتسقط حكومة الإنقلاب .

ولذلك لم يعد هناك خيار أمام "حزب الله" ، فلا بد من عودة السنة ولكن بعودة مضبوطة غير كاملة فجاءت حكومة الرئيس تمام سلام، حكومة المصالحة وسميت حينذاك  حكومة الشراكة الوطنية لإعطاء إنطباع أن الجميع مشارك في الحكومة وكان الأمل منها فك الحصار الإقتصادي  إلا أن العرب والسعودية خاصة لم يتغير موقفها : لا أموال و لا مساعدات و لا إقتصاد إلا بشراكة كاملة ندية وعودة إلى إتفاق الطائف بالنص والتطبيق . 

فهم "حزب الله"  الإشارة ووضع خطة لإخضاع الحريري الشريك السني الأصيل و هذا ما حدث فكانت التسوية التي جاءت  بالرئيس ميشال عون رغما عن الجميع وبمباركة خاصة من سعد الحريري .

 

إقرأ أيضا : ليلة سقوط التفاهمات: معراب انتهى .. و الرئاسي على الطريق

 

 

ظن الإنقلابيون أن لا خيار أمام العرب وإلا خسروا كل لبنان  فكل البلد  أصبح  وبكل أفرقائه تحت السيطرة .

لكنهم لم يأخذوا بعين الإعتبار أن لبنان لا يشكل عمقا إستراتيجيا لا يمكن التخلي عنه ، وأن كل عمل السعودية فيه كان من باب المحبة والحرص لا من باب الضرورة السياسية ولا المصالح السياسية .

 إنسحب العرب كليا من الحياة السياسية اللبنانية واقتصر حضورهم على المراقبة  فشكل الحريري حكومة إستعادة الثقة ووعد العرب بالنأي بالنفس وتغيير موقف الرئيس عون ليكون أكثر اعتدالا.

وبطبيعة الحال هذا لم يحصل ، فصهر الرئيس لديه أوراق إعتماد لا بد من أن تقدم لقطع الطريق أمام سمير جعجع وسليمان فرنجية نهائيا تمهيدا للوصول إلى رئاسة الجمهورية خلفا لعمه ذهب جبران باسيل بعيدا نحو النظام السوري و إيران ونسج معادلات مالية داخلية مع بعض المنتفعين السنة وغض النظر عن صفقات بعض الطامحين إلى رئاسة الحكومة من باب المعاملة بالمثل .

فهمت السعودية ، طار المنتفع والطامح وأعطيت فرصة أخيرة للرئيس الحريري: حكومة لا تنازلات فيها على حساب السنة والسياديين وإلا إنهيار إقتصادي.

فهم الرئيس الحريري الرسالة وتلقفها فلا حكومة دون حصة وازنة للقوات وتيار المستقبل والإشتراكي ولا حكومة دون عودة التيار الوطني الحر إلى حجمه الطبيعي.