في معرض التحقيق مع عدد من الموقوفين بتهم تتعلق بتنظيم جبهة النصرة الإرهابي، حول تورط عدد منهم في خطف أربع روسيات من أحد الملاهي الليلية في زحلة واقتيادهن إلى جرود عرسال وتسليمهن إلى المسلحين من التنظيم المذكور «بهدف المتعة»، كشف حكم قضائي مبرم صدر مؤخراً عن محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جوزف سماحة وعضوية المستشارتين القاضيتين تريز علاوي ورولا مسلّم، تفاصيل عملية الخطف التي نفّذها كل من الموقوفَين علاء ح. وعمر غ. اللذين صدر بحقهما حكم قضى بتجريم الأول مدة ست سنوات أشغالاً شاقة والثاني مدة خمس سنوات أشغالاً شاقة بعد تخفيض هذه العقوبة من السجن أشغالاً شاقة مؤبدة، علماً أن المحكمة كانت قد نقضت الحكم الصادر بحق المحكومَين عن محكمة زحلة والذي قضى بسجن كل منهما مدة عشر سنوات.
 

في وقائع حكم «التمييز» أن علاء.ح. حضر ليل 22 -23 أيار من العام 2013، وبرفقته ابن شقيقته عمر غ. الذي انتحل اسم عمر ح. إلى ملهى ليلي في زحلة وجالسا خمس فتيات من«الفنانات الأجنبيات» اللواتي يعملن في

الملهى، وصرفا حوالي الألف دولار، وفي اليوم التالي حضر علاء ح. إلى أحد الفنادق في زحلة حيث تقيم الفنانات واصطحب أربعة منهن: لاريسا م. وهي أوكرانية، ولودميلا ن. وهي مالديفية وكارمن ت. وفاليستا ك. وهما من الدومينيك، وذلك بعد موافقة مدير الصالة ج.ح. الذي احتفظ بهوية علاء.

كان الاتفاق على أن تعود الفتيات إلى زحلة قبل الساعة الثامنة مساء، ولكن لم يرجع أحد منهن، فتقدم صاحب الملهى إ.ق. بشكوى أفاد فيها ج.ح. أن المتهمين علاء وعمر ليسا من زبائن الملهى المعتادين وكانت المرة الأولى التي يرتادان فيها الملهى، وأضاف بأن علاء دأب خلال السهرة على الخروج مراراً من الملهى والتكلم على الهاتف، على ما أظهرته كاميرات المراقبة.

كما عثرت القوى الأمنية على سيارة جيب شيروكي لون نبيذي استعمل في عملية الخطف.

كانت «الفنانات» في حال من «السرور والضحك»، على ما روى صديق المتهم علاء السوري محمد الفياض، عندما شاهدهن في السيارة وطلب منه علاء أن يتبعه على متن دراجته النارية بعدما التقيا في ساحة بلدة الفاكهة. وبوصولهم إلى آخر البلدة توقفت السيارة وترجل منها علاء ثم تابعت سيرها. وكان علاء يراقبها إلى أن اختفت عن نظره، حيث عمد حينها علاء إلى قيادة دراجة الفياض النارية وكان الأخير يجلس خلفه وانطلقا إلى الجرود في عرسال عبر طريق ترابية، بعد أن اجتازا حاجزاً للجيش في رأس بعلبك.

بوصولهما إلى الجرود سأل محمد الفياض المتهم علاء عما سيفعله بالفتيات فأوقف حينها الدراجة وأجابه: «سدّ تمّك..إذا بسمع كلمة شوشرة بدي قص لسانك».

في تلك الاثناء صودف مرور شاحنة نزولاً فطلب علاء من سائقها أن يقلّ معه محمد الفياض إلى رأس بعلبك ليعود إلى منزله بعد أن حذّر الأخير من إخبار زوجته حول الفتيات.

وأظهرت حركة الاتصالات الهاتفية وجود تواصل من رقم علاء ح. مع رقم سوري يُعتقد بأنه يعود لأحد المشاركين في عملية الخطف. وأشارت المعلومات إلى أن علاء خطط لعملية خطف الفتيات بالاشتراك مع صاحب الرقم السوري بهدف بيعهن من عناصر من المعارضة السورية في بلدة القصير.

وأفاد المتهم علاء في معرض استجوابه أمام الهيئة الاتهامية في زحلة بأن الغرض من أخذ الفتيات كان ممارسة الجنس معهن، إنما عمد مسلحون إلى توقيفه في وسط بلدة عرسال وخطفوه مع الفتيات، ثم تركوه في اليوم التالي، موضحاً بأنه يعمل في منشرة حجر وباستطاعته أن يدفع ألف دولار في ليلة واحدة.

أما عمر غ. فنفى أي علاقة له بعملية الخطف وأن علاء هو خاله، وقد عرض عليه مرافقته إلى الملهى الليلي حيث أحضر علاء الفتيات لممارسة الجنس معهن، وأن الأخير هو الذي طلب منه أن يعرّف عن نفسه باسم عمر.

وأما محكمة الجنايات في البقاع قال علاء أنه أخذ الفتيات إلى عرسال، وهناك اخذتهن مجموعة مسلحة من دون أن يعطي أي تفسير منطقي عن سبب اصطحابهن إلى عرسال بالتحديد، أما عمر فقال بأنه لم يكن برفقة خاله عندما وصل مع الفتيات إلى حاجز للمسلحين.

وأمام محكمة التمييز بعد النقض، قال علاء إن لديه غرفة خلف حاجز الجيش في منطقة الملاهي، ومن عادته اصطحاب فتيات إليها، وأنه تعرض للخطف هو والفتيات على يد 8 أو 9 مسلحين نقلوهم إلى سوريا وبأنه لا يعرفهم ولم يطلبوا منه شيئاً، ثم تركوه في اليوم التالي وبقيت الفتيات معهم. وأوضح بأنه علم بان الفتيات أصبحن في تركيا.

أما لجهة صرفه مبلغ ألف دولار وهو مجرد عامل في منشرة، أوضح علاء بأن المنشرة هي لأهله وبأنه من رواد الملهى أو معتاد على اصطحاب فتيات منه بأعداد مختلفة، فيما قال عمر بأنها كانت المرة الأولى التي يقصد فيها الملهى.

ورأت المحكمة في حيثيات حكمها أن تناقضات شابت أقوال المتهمين، فضلاً عن الأجوبة المقتضبة وغير المنطقية التي أدليا بها، وبالتالي فان في ذلك أدلة أكيدة على إقدام المتهم علاء ح. على الاشتراك مع آخرين، لم يتوصل التحقيق إلى بيان هوياتهم في التخطيط لخطف الفتيات وفي تنفيذ العملية واقتيادهن إلى سوريا. فيما شارك المتهم عمر غ. في الجريمة.