مع تصاعد الأوضاع الأمنية بين إسرائيل وقطاع غزة، وتكثيف اطلاق الطائرات الورقية وما يعقبها من حرائق تلحق اضراراً بالغة بالمستوطنات الإسرائيلية، عادت احتمالات القيام بعملية عسكرية إسرائيلية ضد غزة، إلى رأس أجندة المؤسستين العسكرية والسياسية، حيث يرى معهد أبحاث «ميدا»، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، أن أي تأخير بإطلاق العملية العسكرية، يُفقد إسرائيل قدرتها على الردع، ويُفسح المجال لحركة «حماس»، لتعزيز قدراتها.
 

ويقول معدو التقرير إن «ظاهرة البالونات والطائرات الحارقة تضرب المعنويات الوطنية، وتخلق شعوراً بالفخر لدى «حماس»، لأن منظومة الأمن ما زالت بلا حل يناسب هذا التحدي، وإلى أن يتم إيجاد الحل التقني، ينبغي على إسرائيل الشروع بضرب الناشطين في الذراع العسكرية لحماس، الذين يقودون ظاهرة إطلاق البالونات والطائرات الإرهابية»، وفق توصيف الإسرائيليين للطائرات الورقية.

ورأى التقرير أن «عدم قدرة إسرائيل على وقف الطائرات الورقية، يجعلها تفقد قدرة الردع، ما يستوجب عليها اتخاذ قرار سريع وحاسم بتنفيذ عملية عسكرية»، معتبرين أن «إسرائيل، ووفقاً للقانون الدولي، تملك حق الدفاع عن نفسها، إلا أن مواصلة سياسة ضبط النفس تدخلها في ورطات متتالية، وتشجع حماس على الاستمرار في استخدام هذه الوسائل الحربية البسيطة، التي لا تكلف الواحدة منها دولاراً واحداً، لكنها توقع خسائر فادحة لما تسببه من حرائق».

ولم يخف معدو البحث قلقهم من الطائرات الورقية، واعتبروا حرب هذه الطائرات «تغييراً لقواعد اللعبة من جانب حماس، ونجاحاً كبيراً لها في اختراع سلاح بسيط، ضد إسرائيل، أصبح أكثر نجاعة مع استمرار الفترة الزمنية التي استخدم فيها، وتعمل على تطويره بشكل تدريجي، ليتحول إلى سلاح فتاك».

ويرى الإسرائيليون أن «حماس» تحاول عبر سلاح الطائرات الورقية، توجيه رسالة تحذير إلى الإدارة الأميركية من محاولة التقدم بخطة «صفقة القرن»، والتي يسعى المبعوثان جارد كوشنير وجيسون غرينبلات، إلى إقناع الجهات ذات الشأن بأهميتها.

وتطرق التقرير إلى ما أسماه «العلاقة الإيرانية بأحداث غزة» وجاء فيه إن «الاستراتيجية التي ينتهجها الجنرال قاسم سليماني، والمتمثلة بمهاجمة إسرائيل عبر تنظيمات موالية لإيران، هي استراتيجية تثبت نجاحها حتى الآن. فخلال بضعة أشهر تمكن سليماني من جر إسرائيل إلى حرب استنزاف جديدة في قطاع غزة عبر حملة (مسيرات العودة)، تدعمها صواريخ يتم إطلاقها نحو غلاف غزة، في وقت يقوم (سليماني) بشكل سري بتحضير مفاجآت لإسرائيل على حدودها الشمالية، وربما بواسطة حزب الله، لكي يتمكن من محو آثار الهزيمة العسكرية التي ألحقتها إسرائيل بإيران في سوريا».

وترغب إسرائيل التركيز على الخطر الأساسي الذي يتهددها، وهو الخطر الإيراني، ولا ترغب بإبعاد الانتباه الدولي عنه، عبر التصعيد في قطاع غزة. ولذلك، يرى معدو التقرير، أن «إسرائيل تبدي ضبطاً للنفس، وتقوم باحتواء الهجمات الغزية ضدها. إلا أن المشكلة تكمن في أن المنظمات في قطاع غزة تفسّر الأمر على أنه ضعف وتواصل هجماتها، فهذه هي القواعد السائدة في غابة الشرق الأوسط».

ويخلص التقرير إلى أن «حماس اتخذت قراراً استراتيجياً بالاستمرار حتى النهاية لتحقيق هدفها برفع الحصار عن القطاع، وهو أمر يحتّم على إسرائيل بأخذ زمام المبادرة واطلاق حملة عسكرية واسعة وحاسمة وقوية، حيث لا يمكن للقيادة السياسية مواصلة سياسة ضبط النفس التي تتسبب في تفتت الردع الإسرائيلي».

وختم التقرير بالقول: «إن الاستمرار بهذا الموقف ستكون نتيجته أن إسرائيل ستنزلق رغماً عنها إلى مواجهة عسكرية مع حماس في القطاع. ولذلك يُفضل أن تدرس إسرائيل بجدية، ومنذ الآن، مسألة ضرب قيادات حركتي حماس والجهاد الإسلامي في القطاع، إلى جانب قادة الأذرع العسكرية المسؤولة عن إطلاق البالونات والطائرات الورقية».