كرّست حياتها لعلاج المرضى، حتى باتت بحاجة الى من يداوي أوجاعها، بعدما "دهمها" مرض السرطان، مغيّراً قواعد حياتها، فمن اعتادت أن تقصد مستشفى طرابلس الحكومي لمعاينة المرضى في قسم الطوارئ رحلت يوم الأحد الماضي، تاركة خلفها اجمل ذكرى لسيدة اطلق عليها كلّ من عرفها لقب "طبيبة الفقراء".. هي الدكتورة شذى سلطان التي قاومت أشرس الأمراض، الا أنها في النهاية فارقت الحياة عن عمر 52 سنة.

رفض الانكسار

"باغت المرض ملاك الرحمة على الارض، دكتورة الصحة العامة شذى، من دون ان تُطلع زملاءها على ذلك"، وفق ما قال مسؤول الخدمات البيئية في المستشفى الحكومي مصطفى قرحاني لـ"النهار"، شارحاً: "كانت تحمل اوجاعها قاصدة المستشفى لعلاج المرضى، وأحد لا يعلم بحالها، الى ان بدأ الخبر ينتشر قبل سنة، عندها توقفت عن العمل، لا سيما أنّ التعب حلّ عليها، فقد كانت ترفض فكرة ان ينظر اليها اي انسان نظرة حزن على وضعها، وهي المعروفة بقوة شخصيتها وحضورها اللافت، فقد كانت عنواناً للأناقة، اهتمت بثقافتها ومظهرها الى درجة كبيرة، فكانت سيدة رائدة بكل ما للكلمة من معنى".

"طبيبة الفقراء"

عرفت سلطان بإنسانيتها وأخلاقها الطبية الرفيعة، وقال قرحاني: "كانت تتعاطف مع الفقراء، لا تأخذ منهم بدل أتعابها، وخلال حوادث جبل محسن وباب التبانة، لم تغب يوماً عن عملها، فكانت تبقى الى جانب المرضى حتى ساعات الفجر الاولى". واضاف: "المرة الأخيرة التي قصدت فيها المستشفى الحكومي، كانت قبل نحو ثلاثة اشهر، اذ لم تكن تتلقى علاجها فيه، بل في مستشفى آخر، مع العلم انها خضعت لجرعات كيميائي افقدتها الكثير من وزنها، ومع هذا قاومت وصبرت حتى شاء القدر رحيلها. سنفتقدها كل يوم، اذ سيبقى شذاها يفوح مذكّراً بطيب أثرها. نعزي بناتها الثلاث وكل افراد عائلتها على هذا المصاب، نتمنى لها الرحمة ولهم الصبر والسلوان".

اما هيثم رضوان، الذي كان يقصد الطبيبة شذى لعلاج والده، فلفت الى انه لن ينسى معروفها، وتعاطفها مع كلّ مَن يقصدها من المرضى، "اقل ما يقال عنها انها طبيبة الفقراء، حزنت كثيراً عندما علمت بمرضها، وفجعت بخبر وفاتها".