ما زال حوار الكتل العراقية الفائزة في الانتخابات التشريعية التي جرت الشهر الماضي، لتأليف الكتلة النيابية الأكبر المكلفة تسمية رئيس الوزراء القادم، يشوبها التعثر في ظل استمرار الخلافات، وسط مساعٍ إيرانية مُكثفة ومحاولة فرض طهران بصمتها على شكل التحالف المُرتقب على الرغم من إخفاقها حتى الآن في جمع زعامات شيعية مؤثرة على طاولة حوار واحدة.
 

وكشف مصدر سياسي مطلع عن تراجع زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر عن إجراء مصالحة مع رئيس الوزراء السابق وزعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي على الرغم من وساطة قام بها مبعوثون ايرانيون في الفترة الأخيرة. وقال المصدر لجريدة «المستقبل» إن «الصدر تراجع عن قرار اتخذه قبل أيام بالموافقة على إجراء مصالحة مع المالكي إثر وساطة قام بها وفد إيراني رفيع حاول جمع الطرفين على طاولة حوار واحدة»، موضحة أن «الوسطاء الإيرانيين نجحوا بداية الأمر بترطيب الأجواء بين الصدر والمالكي وفقاً لشروط عدة منها عدم حصول لقاء مباشر بينهما، والاكتفاء بلقاء ممثل عن الصدر بالمالكي لإعلان المصالحة والتحالف مع لائحة (سائرون) (المدعومة من زعيم التيار الصدري)، فضلاً عن تسلّم المالكي أو أي مقرب منه، أي منصب رسمي تنفيذي، من أجل ضمان موافقة الصدريين على تشكيل تحالف نيابي واسع يتولى تسمية رئيس الوزراء الجديد».

وأشار المصدر إلى أن «الوفد الاإراني الذي التقى أخيراً أعضاء ائتلاف (دولة القانون)، أبلغهم أن الصدر تراجع عن المصالحة مع المالكي وتجاهل الوساطة الإيرانية من دون ذكر الأسباب أو معرفة الدوافع وراء هذا الموقف»، موضحاً أن «تراجع الصدر عن تعهداته بالمصالحة مع المالكي، أثار امتعاض الإيرانيين وعرقل خططهم لجمع الكتل الشيعية في تحالف واحد لتأليف الحكومة الجديدة، لكنهم مصرّون على عدم التراجع عن مهمة جمع الصدر والمالكي في تحالف واحد على الرغم من صعوبتها في ظل الخلافات الشديدة بين الطرفين».

وأكد المصدر أن «الإيرانيين ومبعوثيهم لا يظهرون استعجالاً لتشكيل التحالف الشيعي الموسع، كونهم في وضع مريح مع نجاحهم حتى الآن بضمان بقاء دورهم فاعل في رسم المشهد السياسي العراقي، لا سيما وأن التحالفات النيابية ستتشكل بشكل حقيقي بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات خلال الأسابيع القليلة المقبلة»، مشيراً إلى أن «السفير الإيراني في العراق، ايريج مسجدي، يجول على الزعامات السياسية الشيعية الفائزة في الانتخابات، من أجل إقناعها بالإسراع في تشكيل تحالف واسع يضم جميع القوى الشيعية الكبيرة، وعدم عزل أي طرف منها، والعمل على إشراك المالكي في أي تحالف جديد».

يُذكر أن العلاقات بين الصدر والمالكي متوترة منذ سنوات عقب قيامه أثناء توليه رئاسة الحكومة العراقية لمدة 8 سنوات، بشن حملات أمنية واسعة ضد أتباع التيار الصدري، كما زج بالآلاف منهم في السجون فضلاً عن محاصرتهم وملاحقتهم سياسياً.

وكانت مصادر في ائتلاف المالكي تحدثت عن «قرب انضمام ائتلاف (دولة القانون) إلى التحالف بين (سائرون) و(الفتح) و(النصر) بعدما يتم تحقيق شرط زعيمه المالكي الذي اشترط أن يكون التحالف على أساس الشراكة والحوار المشترك بين أطرافه، لا أن يكون هناك قطب واحد، والآخرون يدورون بفلكه، وكذلك أن يكون التحالف والإعلان عنه في العاصمة بغداد» في إشارة إلى لائحة (سائرون) المدعومة من الصدر الذي يسكن محافظة النجف ويتخذها مقراً لنشاطاته السياسية.

ومع كل هذه الأجواء التي تُشير إلى تقارب بين القوى الفائزة في الانتخابات التشريعية، إلا أن المصادر تؤكد على «إمكانية ركون المالكي في المعارضة، ليلتحق بعده رئيس ائتلاف (الوطنية) أياد علاوي الذي لم يحسم موقفه بعد من تحالفات الصدر، نتيجة لما يراه بأن هذه التحالفات تمت برعاية إيرانية، وإشراف مباشر من قائد (فيلق القدس) الجنرال قاسم سليماني، وذلك على الرغم من وجود تفاهمات مبدئية بين علاوي والصدر».

في غضون ذلك، كشف تيار الحكمة (بزعامة عمار الحكيم) عن قرب إعلان تحالف خماسي يضم «سائرون» و«النصر» ( بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي) و«الحكمة» و«الفتح» (بزعامة القيادي في الحشد الشعبي هادي العامري) و«الوطنية» (بزعامة علاوي) خلال الأيام القليلة المقبلة، تمهيداً لإعلان تحالف سباعي يضم الأكراد.

وقال صلاح العرباوي، القيادي في تيار الحكيم إن «المبادئ التي جمعت التحالف الخماسي هي قيادة الدولة العراقية وفق أسس منطقية في مقدمها الإصلاح السياسي والإداري والقضائي ونبذ المحاصصة»، مضيفاً أن «الأيام المقبلة ستتجه من تحالف خماسي إلى تحالف سباعي يضم الأكراد».