الراعي: إننا في كل يوم، ننتظر ولادة الحكومة الجديدة، وهي مع الأسف ما زالت تتعثر
 

اعتبرت مصادر سياسية أن تشكيل الحكومة برئاسة سعد الحريري لا يزال أمرًا معقّدًا على الرغم من الضغوط التي يمارسها (حزب الله) من أجل التعجيل في ذلك، موضحةً أن الحزب على عجلة من أمره في تشكيل الحكومة كي يكرس أمرًا واقعًا يتمثل في وجوده، للمرّة الأولى عبر ثلاثة وزراء في الحكومة، كذلك يستعجل الحزب الحصول على وزارة الصحة بسبب حاجته إلى تأمين خدمات لأنصاره على حساب الدولة اللبنانية، خصوصًا للمعاقين الذين تسببت بهم مشاركته في الحرب السورية.

من جهتها، أشارت المصادر نقلًا عن صحيفة "العرب اللندنية" إلى أن لـ (حزب الله) مصلحة في تولي وزارة الصحة نظرًا إلى أن ذلك يسمح له بإدخال مقاتليه الذين يصابون في سوريا إلى المستشفيات على أن تتولى الحكومة اللبنانية أمر تسديد نفقات علاجهم.

من جهة أخرى، كشفت هذه المصادر أن عقدتي تشكيل الحكومة تكمنان في إصرار رئيس الجمهورية ميشال عون على تقليص حجم حزب القوات اللبنانية في الحكومة من جهة ورفضه حصر التمثيل الدرزي برغبات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من جهة أخرى.

بدوره، يصر جنبلاط على تسمية الوزراء الدروز الثلاثة في الحكومة، في حين يرفض ميشال عون ذلك ويتمسك بتوزير طلال أرسلان، وهو خصم سياسي لجنبلاط، وقد فاز أرسلان بمقعد نيابي بعد ترك الأخير هذا المقعد شاغرًا له.

من ناحيتها، ذكرت المصادر أن الرئيس ميشال عون يرفض التعاطي مع "القوات اللبنانية" كشريك في السلطة ويريد، عبر صهره جبران باسيل، حصر تمثيل القوات بأربعة وزراء لا يتولون أي وزارة سيادية أو موقع نائب رئيس الوزراء، وتوقعت أن يمارس الحزب ضغوطًا شديدة من أجل تشكيل الحكومة في أسرع وقت، وعكست هذه الضغوط اتصالات يجريها على أعلى المستويات مع رئيس الجمهورية لحمله على تليين مواقفه والحد من مطالبه وذلك على الرغم من الخصومة الحادة القائمة بينه وبين "القوات اللبنانية".

وتضيف "العرب"، أن من بين الأسباب التي يمكن أن تؤخّر تشكيل الحكومة اتخاذ سعد الحريري موقفًا متضامنًا مع وليد جنبلاط و"القوات اللبنانية" وذلك في ضوء التحسن الذي طرأ على العلاقة بين الجانبين في الأسابيع القليلة الماضية.

يذكر، أن رئيس الحكومة سعد الحريري قد أبدى أول من أمس السبت تفاؤلًا بقرب التوصل إلى التوليفة الحكومية خلال تصريح للصحافيين بعد لقاء جمعه بالرئيس ميشال عون وأن هذه العملية باتت في أشواطها الأخيرة، وأن العقدة حاليًا تكمن في توزيع الحقائب الوزارية.

في السياق ذاته، يرى مراقبون أن المعركة الحكومية الدائرة اليوم تستحضر مجددا إلى الأذهان تحالفي 14 آذار و8 آذار بعد أن سادت قناعة خلال السنوات الأخيرة بانتهاء هذين التحالفين، ويشير هؤلاء إلى أن مكونات تحالف 8 آذار وخاصة التيار الوطني الحر تتصرف من منطلق الوصي على العهد الجديد، وهو ما يجعل فرص التوصل إلى تسوية للملف الحكومي قبل موفى شهر يونيو أمرًا صعبا. وطالب البطريرك الماروني مار بشار بطرس الراعي في عظته الأحد بضرورة الإسراع بتشكيل حكومة قائمة على الكفاءات.

من جهته، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "إننا في كل يوم، ننتظر ولادة الحكومة الجديدة، وهي مع الأسف ما زالت تتعثر، إن الشعب لا يريدها مؤلفة من أشخاص عاديين، لتعبئة الحصص، وتقاسم المصالح، وإرضاء الزعامات، بل يريدها الشعب والدول الصديقة الداعمة للبنان والمشاركة في مؤتمرات روما وباريس وبروكسل، حكومة مؤلفة من وزراء يتحلون بالكفاءة التكنوقراطية والمعرفة وروح الرسالة والتجرد والأخلاقية والتفاني وإذا كان لا بد من تمثيل للأحزاب والأحجام، فليكن على هذا المقياس"، وشدد على وجوب "عدم إهمال الأكثرية الباقية من خارج الأحزاب والأحجام النيابية، وفي صفوفها شخصيات وطنية رفيعة، حيث يجب أن تكون جزءًا أساسيًا في الحكومة العتيدة".