قلّة من اللبنانيين لا يشاهدون مباريات المونديال عبر شاشة تلفزيون لبنان، فيما يشاهده يوميًا أكثر من خمسة ملايين، بين لبناني ونازح ولاجيء وعاملات منازل تشترك دولهم في هذه المباريات.
 

بهذه الخطوة، التي يعتبرها البعض إنجازًا تعويضّيًا عن فشل الدولة في تعيين مجلس إدارة جديد له، إستطاع التلفزيون الرسمي أن يعيد بعضَا مما فقده في السنوات الماضية من وهج ومن دور، بفعل ما علق بشاشة "ابو ملحم" و"ابو سليم" و"بيروت بالليل" وحنكش وجان خوري وعرفات حجازي وعادل مالك وليلى رستم من ترسبات ومشاكل تداخلت فيها المصالح الشخصية على المصلحة العامة، فأمسى التلفزيون الأمّ، الذي خرّج إعلاميين ومخرجين ومنتجين ساهموا في إنجاح إنطلاقة التلفزيونات الخاصة، محل نكات سمجة، وآخرها ما قيل عبر مواقع التواصل الإجتماعي، عندما تمّ الإتفاق على نقل كل المباريات عبر الشاشة الوطنية، عندما تهكّم البعض مبديًا تخوّفه من أن ينقل تلفزيون لبنان مباريات سنة 2014، التي جرت في البرازيل، فجاءت النتيجة مخيّبة لأصحاب النوايا الخبيثة، والتي تبيّن أن وراءه أشخاصًا عملوا سابقًا في التلفزيون، وكانوا في مواقع متقدمة.


قد يعود فضل تمكين خمسة ملايين مشاهد من متابعة مباريات هي الأحب إلى قلوبهم والأكثر شعبية، إلى إرادة عدد من الأشخاص، ومن بينهم وزراء، الذين فاوضوا حتى اللحظة الأخيرة وراهنوا على عدد لا بأس به من المعلنين الذين آمنوا بأهمية هذه الخطوة، وما يمكن أن تعود عليهم بالنفع، فكانوا شركاء أساسيين في تأمين كلفة التغطية، مقابل صفر ليرة من جيب المواطن، الذي أستطاع متابعة كل المباريات في أوقاتها، مع تعليقات مباشرة يجمع الخبراء على أنها في المستوى المطلوب، مع إستضافة تلفزيون لبنان مدربين أخصايين في لعبة كرة القدم ولاعبين حاليين وسابقين، من لبنان والدول العربية، للتعليق على كل مباراة ونتائجها، ورسم صورة واضحة للمشاهدين عما ستكون عليه المباريات التي ستلي، وهي تعليقات تتسم بالحرفية والدقة والموضوعية.


وعلى رغم أن الوزراء بدأوا يضبضبون أغراضهم الشخصية قبل أن تبصر الحكومة العتيدة النور، لا يزال البعض منهم يمارس عمله كالمعتاد، ومن بينهم وزير الإعلام ملحم الرياشي، الذي يعتبر أن نجاح تلفزيون لبنان في هذا التحدّي جاء بمثابة "فشة خلق" له وتعويضًا عما عاناه في "حرب تعيين مجلس إدارة جديد"، ووضع العصي في دواليب "نهضة التلفزيون الوطني"، الذي يحتاج إلى الكثير من الرعاية لكي يثبت من جديد أنه محل ثقة اللبنانيين، وهو تمكّن من خلال نقله مباريات "المونديال" من حجز موقع متقدّم له في السباق المحموم بين التلفزيونات الخاصة على "الرايتنغ"، مع العلم أن كل الخطط الموضوعة من قبل عدد من وزراء الإعلام السابقين لم تلحظ أن تكون هذه الشاشة في تنافس مع الإعلام التلفزيوني الخاص، إذ لكل منها دوره الطبيعي، خصوصًا أن دور تلفزيون لبنان لا يتعارض مع أدوار الآخرين.  

 

(أندريه قصاص)