أحدثكم عن صديقي وهو مهندس ومدير بنك يوميا يقرأ جريدة لبنانية يتابع من خلالها مجريات الأحداث السياسية ويُصَنف نفسه أنه من المحللين السياسيين بعمق وبصيرة قال لي بعد تدمير ناطحات السحاب في نيويورك سنة ٢٠٠١ والتي تبناها الشيخ أسامة بن لادن قائد تنظيم القاعدة الإسلامي قال لي:


"سوف تُثْبت الأيام القادمة بأن أسامة بن لادن ضابط في المخابرات الأميركية ويقوم بتنفيذ أجندتها بعملياته الأمنية ضد اميركا ومصالحها في العالم لتبرير تدخل أميركا في الدول الإسلامية والسيطرة عليها!"


لا أخفي عليكم أنني أُصِبْتُ بصاعقة من قوله وقلت في نفسي واحد منا مخلوق غير طبيعي بتفكيره إما هو أو أنا!


قلت له : يمكن القول بأن أسامة بن لادن أحمق حينما غامر وجازف بعملياته الأمنية ضد اميركا ولم يسمح له حمقه بتحليل وإدراك العواقب الوخيمة المدمرة على مصالح العالم الإسلامي من وراء عملياته الأمنية الإجرامية لكن القول بأن أسامة بن لادن عميل للمخابرات الأميركية فهذا القول في غاية الضعف وفي منتهى التكهن ومن عالم الخيال المُفْرِط في تصوراته.


يمكن القول بأن أسامة بن لادن من فصيلة المتطرفين المتحجرين الحنبليين بأفكاره الدينية الإسلامية وإن المتطرفين من السهل على كل مخابرات في العالم أن تستخدمهم وتَجَرُّهُم وتفتح لهم الطريق لتنفيذ عمليات إجرامية وتخريب دول باسم الجهاد في سبيل الله من دون أن يعرفوا في أنفسهم  بأنهم مُسَيَّرون باتجاه تنفيذ رغبات مخابراتية.

إقرأ أيضًا: المال هو كل شيء عند أحزاب الدين!

 

ويمكن القول بأن أسامة بن لادن يحمل فكرا عقائدياً إسلاميا يحمله كافة الإسلاميين بمن فيهم حزب ولاية الفقيه يسمح ويبيح هذا الفكر الديني الإسلامي للشيخ أسامة بن لادن أن يتعامل مع دول (غير إسلامية) ومع دول استبدادية  إسلامية وغير شرعية في آن معا على قاعدة يُسَمٍّيها الإسلاميون كافة (تقاطع المصالح) أو قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) وذلك لمصلحة الإسلام العليا - (وفق اجتهادهم وفقههم وثقافتهم الدينية الإسلامية) - وبهذه القاعدة تعامل أسامة بن لادن مع أميركا في أفغانستان حينما كان يجاهد الروس الغازين لبلد مسلم وفق قناعته كما قلنا.


أما أن تقول لي يا صديقي بأن أسامة بن لادن عميل للمخابرات الأميركية فهذا القول من الصعب للغاية أن يصدقه عقلي وأن يقتنع به دماغي ولو 1 بالمئة!


قلت له: استميحك عذرا على هذا القول : لو كان أسامة بن لادن من مذهبك الشيعي لكان اليوم هو بنظرك بطلا ولكان ما صنعه بأميركا بنظرك بطولة لأنك تُفكر وتُحلل الأمور بخلفية مذهبية تلقائيا من غير شعور بذلك ولقد تورط بهذه الخلفية المذهبية  الكائن البشري كافة في دول العالم الإسلامي منذ قرون وما زال غارقا في معادلاتها الجهنمية وأفكارها المُحَنَّطة.


وانتبه جيدا أنا لا أمدح بهذه السطور أسامة بن لادن مطلقا لأنني أعتقد بأنه متطرف إسلامي من فصيلة المتطرفين الإسلاميين ولا يمكن أن يكون المتطرف إلا أحمقاً، والمتطرف يصنع الإجرام نفسه وعينه وذاته الذي يصنعه العميل لكن من دون نية ولا معرفة بذلك.

الشيخ حسن سعيد مشيمش لاجئ سياسي في فرنسا.