ماذا فعل لنا هذا العهد القوي؟؟ فنحن ما برحنا نعيش بدولة هي أوهن من بيت العنكبوت
 

 

 

عدت من السهرة باكرا على غير عادتي، وفي نيتي أن أكتب مقالا ما، لم أحدد ماهيته ولا موضوعه، فتأبطت " لابتوبي " من على المكتب ، وخرجت به قاصدا زاوية برندتي تحت الزنزرخت، متلمساً نسماتها الليلية وهدوء جنوبنا الحبيب علّ فكرة ما تأتي على حين سكينة يكون لله فيها رضى وللقارئ العزيز فيها صلاح ( مش محمد صلاح ) .

وكعادتي، حين أهمّ بالكتابة، أبدأ بجولة بانورامية على صفحات الفيسبوك، وقراءة الكثير من المقالات، وآخر المستجدات السياسية وغير السياسية، وما تيسر من أخبار البلد والمنطقة والعالم .

وأنا في هذه الحال، كان أزيز صوت ال MK اللعين، قد سبقني الى جلستي، وراح يخرق عباب نخاعي، ويعكّر ما كنت اصبو اليه من هدوء، ويشعرني بالإهانة الوطنية وبالسيادة المغتصبة، وانا على هذه الحال من الامتعاض وقع تحت نظري فيديو مصوّر " للسيد نوح زعيتر " يحدثنا فيه عن ما أصابه من كمين مسلح وهو يقوم بواجب المصالحة بين إخوانه من آل جعفر وآل الجمل ويطمئن اللبنانيين أنه بحمد الله بالف خير هو واخوانه المسلحين .

وعلى أثر هذا الفيديو وجدتني مضطرا " للبحبشة " عن آخر مستجدات الإشتباكات بين الطرفين وأنواع السلاح المستعمل وعدد الاصابات بين صفوف المقاتلين الأشاوس والمدنيين حتى اللحظة .

وبينما أنا كذلك، اقرأ خبر عن الرئيس نبيه بري يقول فيه بأن هيبة الدولة مفقودة، وهو تعبير مخفف ولكنه يحمل نفس مداليل تغريدة وليد جنبلاط عن العهد الفاشل .

وفي الأثناء كنت أقفز سريعا عن التقارير الاقتصادية التي لا تُنبئ إلا بتدهور حالتنا الاقتصادية وآخر هذه المؤشرات ما يحكى عن إفلاس جمعية  المقاصد،  وبعض الشركات العقارية .

 

إقرأ أيضا : بعد اشتباك العشائر الجديد... آل الجمل: بدنا لجنة تحقيق

 

 

هذا ولم يغب عن خاطري، أننا في قلب نفق فراغ حكومي، يكاد يجمع كل المراقبين بأن آخره لن يكون قريبا، لما يتخلله من مطبات وعقد متعددة الأجناس والأنواع، الخارجي منها والداخلي وقد تقف حائلا امام التشكيل،  ليس آخرها تجمع النواب السنة، المضافة إلى فنعة توزير أرسلان، وجشع التيار الوطني الحر ومحاولة رئيسه اقصاء القوات والمردة والكثير غيرها، وصولا حتى الى معارك الحديدة باليمن، وحشود النظام السوري في درعا ... 

ليقفز أمامي على حين غرة، المؤتمر الصحفي للنائب اللواء جميل السيد، استوقفني أهضم ما جاء فيه، قوله بأن رئيس الجمهورية كغيره من أحزاب المنطقة قد رفع الغطاء عن الزعران ( بحسب توصيفه )، وعليه فانه يحمّل مسؤولية الفلتان الامني لقائد الجيش العماد جوزيف عون ولمدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، متناسيا صاحبنا أن رئيس الجمهورية هو رئيس المجلس الأعلى للدفاع،  وان مهمته أكبر بكثير من مجرد  رفع غطاء .

دقائق كثيرة مرت وأنا على هذه الحال، فلم أستطيع أن أحسم موضوع مقالي المنتظر، ولم أجد في كل هذه المعمعة ما يستحق الكتابة، ولم أستمتع بأي هدوء منتظر، لأن صوت ال MK استمر بلا توقف وبكل عنجهية ... اسندت ظهري وابتعدت عن اللابتوب حيث عزمت على اطفائه، ففي الصباح رباح ، أشعلت سيجارتي الأخيرة لليلة ، ونفثت دخانها صوب الأعلى، كمحاولة مني لإبعاد مصدر الإزعاج القادم من السماء، محدثا نفسي: ماذا فعل لنا هذا العهد القوي؟؟ فنحن ما برحنا نعيش بدولة هي أوهن من بيت العنكبوت .