"لا حكومة في الأفق" وحده التشاؤم سيّد الموقف. الكل في انتظار عودة الرئيس المكلف سعد الحريري، ولكن ما إن يعود حتى يغيب رئيس مجلس النواب نبيه بري وأحد اللاعبين الأساسيين في بازار التأليف. كل هذا ومجلس النواب الجديد معطّل ريثما ترسو البورصة الحكومية على صيغة تتناسب وفجع الكتل المتنافسة على الحقائب.

أربع وأربعون يوماً مرّوا على انتخاب برلمان 2018، عقد جلسة يتيمة في 23 ايار الماضي انتخب فيها رئيس المجلس ونائبه وأعضاء هيئة مكتب المجلس، أما العمل التشريعي معلّق على خشبة التأليف، كونه مرتبط باللجان النيابية التي جرى العرف على انتخابها بعد تشكيل الحكومة، ولكن ماذا لو طال هذا التشكيل؟

بمثابة العاطلين عن العمل هم نواب المجلس الجديد، على اعتبار أن العمل الرئيسي للمجلس لا يتم إلا عبر اللجان التي تقتضي مهمتها مناقشة كل اقتراحات القوانين التي يمكن أن يقدمها النواب، أو مشاريع القوانين التي تصل إلى المجلس النيابي من الحكومة، قبل تحويلها إلى الهيئة العامة للتصويت عليها إيجابا أو سلباً.

إنه لبنان ويحق للنائب في هذا البلد المديون ما لا يحق لغيره، إذ يجيز له العرف المقيت أن يتقاضى 12 مليوناً و750 ألف ليرة بالإضافة إلى 2 مليون و700 ألف ليرة من صندوق تعاضد النواب شهرياً حتى لو كان عاطلاً عن العمل. وكل ما يفعله مشاهدة المونديال الحكومي والآخر الرياضي، بشغف او من دونه، راتبه "ماشي"، حتى أن بوادر هذا التعطيل برزت على معظم النواب الذين قرروا قضاء العطلة القصرية خارج البلاد. 

علما أن رئيس مجلس النواب يتقاضى 17 مليوناً و737 ألف ليرة شهرياً، ما يعني أن تأخر تشكيل الحكومة يكلف الدولة اللبنانية في ظل تعطيل مجلس النواب مليار و636 مليون و987 ألف ليرة لبنانية، أي ما يوازي مليون و919 ألف دولار شهرياً.

لا يربط القانون بين عمل المجلس النيابي وتشكيل الحكومة، فلكل منهما عمله، وينص النظام الداخلي لمجلس النواب على انتخاب اللجان النيابية في الجلسة التي تلي انتخاب هيئة مكتب المجلس بعد الانتخابات العامة. لكن جرت العادة على انتخاب اللجان بعد تشكيل الحكومة كي لا يحصل التضارب بين عضوية اللجان والوزارات، إذ لا يجوز بحسب المادة 25 من النظام الداخلي "الجمع بين عضوية اللجان وبين كل من رئاسة المجلس أو نيابة الرئاسة والوزارة".

ويؤكد رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص لـ"ليبانون ديبايت" أن ما يسمى بـ"التمانع" وهو عدم جواز الجمع بين بعض الوظائف النيابية للنواب وبين تعيينهم في الحكومة كوزراء، هو أحد الأسباب الجوهرية في تأخير انتخاب اللجان لحين تشكيل الحكومة.
لكن في حال تأخر التأليف لا يمنع القانون مبادرة المجلس لانتخاب لجانه والمباشرة بعمله.

وللتعرف على ما يقوم به النواب المنتخبون في ظل تعطيل العمل التشريعي للمجلس، كان لـ"ليبانون ديبايت" حديث مع النائب في تكتل "لبنان القوي" آلان عون، الذي أكد أن ما يقوم به اليوم كنائب منتخب متعلق بشؤون "متابعة مشاريع مناطقنا مع الوزارات المعنية".

ويعترف عون أن العمل الأساسي للنائب يجب أن يكون العمل التشريعي وتحديداً ذلك الذي يحصل في اللجان، و"عادة يتأخر انتخاب اللجان لما بعد تشكيل الحكومة لتوخي التضارب بين عضوية اللجان والحقائب الوزارية. لكن لا شيء ملزم قانونياً بذلك، فيمكن انتخاب اللجان ثم إعادة النظر واجراء التعديلات عليها بعد تشكيل الحكومة".

ويرى عون أنه في حال توصلنا ليقين أن لا تشكيل للحكومة في الأفق، من الضروري تشكيل اللجان ليباشر المجلس بعمله التشريعي.

أما عضو تكتل "الجمهورية القوية" جورج عقيص يؤكد أنه كنائب جديد يستفيد مما سماه "مهلة أمر الواقع" لمراجعة كل القوانين التي سبق وتقدم بها النواب، لإعادة تحريكها وتبنّيها، أو إجراء التعديلات عليها. 

كما يرى عقيص في هذه المهلة هو وزملاؤه مناسبة لتحضير اقتراحات قوانين معينة. وفي حال طال التشكيل لا يستبعد أن يكون لكتلته مبادرة للمطالبة بانتخاب اللجان قبل تشكيل الحكومة، وهو الموضوع الذي قد يتم طرحه في اجتماع تكتل "الجمهورية القوية" المقبل.