أراد جنبلاط أن يقول للقاصي و الداني أنه ليس وحيداً في معركته و ليس متروكاً إقليمياً
 

ليس من باب الصدفة معاودة الزعيم وليد جنبلاط تصعيده الكلامي ضدّ التيّار الوطني ومن يرأس عهده بعيد وصوله من المملكة العربية السعودية التي زارها بعيد تكريس الانتخابات لزعامته التي لا يشاركها فيها أحد من الدروز وتأكيداً منه ومن المملكة على طبيعة العلاقات القائمة ما بين الملك السعودي و الزعيم الوطني والتي تعطي جنبلاط مساحة سياسية في وسط متصل بسياسات المملكة وتوفّر لها دعماً مقبولاً بعد أن خسر السياسيون في لبنان الكثير من جهات الدعم العربي و الإقليمي و الدولي .

صعّد جنبلاط ضدّ عهد التيّار الذي يقود البلاد بعد خروج المارونية من المعادلة منذ الطائف الذي كرّس رئاسات  طائفية بدلاً من رئيس طائفة بيده كل الصلاحيات ولم يخضع لمقولة القوي الذي تعطيه القوّة ما لا تعطي الضعيف ولم يتراجع عن حقه في الوزارات الدرزية رغم محاولات عديدة و مبذولة من التيّار الى "حزب الله " لتوزير حليفيهما طلال إرسلان في عملية ضغط مباشرة على رئيس الحكومة بوضع جملة معضلات  و أحجار من الأسماء في طريق التأليف الحكومي .

أراد جنبلاط أن يقول للقاصي و الداني أنه ليس وحيداً في معركته و ليس متروكاً إقليمياً ليعبث به هواء الأطراف المحلية المستندة الى قوّة الخارج في فرض نفوذها و أن المملكة معه في خياراته بعد أن كان معها في خياراتها الداخلية و الخارجية ولم ينحاز الى إيران طيلة مرحلة الربيع العربي وما رافق الربيع من حروب مدمرة في العراق وليبيا و اليمن وسورية بقي صامداً رغم تقلب جنبلاط السريع حيث مالت إشارات القوّة فهو لم يغادر قصر الملك وصمد في صف المملكة ولم يختار حليفاً آخر رغم ما انتاب العلاقة مع تيّار المستقبل من توترات ساخنة كادت أن تقضي على آخر الروابط الشخصية القائمة ما بين الرئيس الحريري والزعيم وليد جنبلاط .

 

إقرأ أيضا : البلد على كفّ تغريدة ... نبش للقبور بين عون وجنبلاط

 

ليس سهلاً على جنبلاط  الخنوع و الخضوع للآخرين في التنازل عن حقوقه الطائفية طالما أن المحاصصة علنية بين الطوائف وهو يعلم تمام العلم أن اليوم الذي يستكين فيه جنبلاط ينتهي ويصبح خارج المعادلة فقوّة جنبلاط في علو سقفه الاعتراضي  وهو يُهبط من علو السقف متى حصل على حصته ودون ذلك لا ينام جنبلاط على ضيمه الشخصي و الطائفي و الوطني ومعروف عنه أنه صياد ماهر في اقتناص الفرص و أخذها كما يقول المثل من قلب السبع  .

لن يتراجع جنبلاط عن وزاراته وهذا ما يحتاج إضافة الى دعم المملكة اللامحدود للتقدمي  الى تحسين شروط العودة الى 14 آذار مصغر يضمه و المستقبل و القوّات اللبنانية لمواجهة كتلة متراصة من حلفاء سورية باتوا أقوى من الكتلة النيابية المحسوبة على المملكة العربية وهذا ما يتطلب سلخ المستقبل عن الوطني بعد أن جعلا من تيارهما جسراً للرئاستين الأولى و الثالثة لإضعاف الثانية المتحكمة بفعل القوّة بسياسة البلد وهذا الإضعاف يضعف أيضاً ممن هم على مسافة بعيدة من الرئاستين أو من إحداهما كما هو حال القوّات و الحزب الإشتراكي .

تبقى عملية التأليف الحكومي وحدها السبيل لمعرفة من انتصر في حرب إلغاء مفتوحة ما بين التيارين المستقبل و الحرّ والمتضررين من سياستيهما الوزارية فاذا ما تم أكل وزارة من وزارات جنبلاط يكون تصعيد جنبلاط فارغاً من أي قوّة سعودية وإذا لم تنصف القوّات وزارياً تكون كتلة القوّات النيابية مجرد عدد بقيمة معدومة واذا ما حصل عكس ذلك يكون جنبلاط والحكيم قد ربحا أيضاً جولة الحكومة كما ربحا استحقاق النيابة الاّ إذا تذاكى عليهما مدور الدوائر ومنحهما وزارات برواتب ودون حقائب كما هي الحكومة المنتظرة من ثلاثين وزيراً  والذين سيحدثون كارثة مالية ستزلزل  ما تبقى من اقتصاد بلد مفلس .