مع دخول البلاد عطلة الفطر، توقفت كل محركات تأليف الحكومة، المعطلة أساساً بفعل التباطوء الذي يتعمده رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في مشاوراته تمهيداً لإنجاز تشكيلته الحكومية، محبطة كل التوقعات المتفائلة التي واكبت التكليف، بإنجاز تشكيل الحكومة قبل عيد الفطر.

ورغم التعقيدات التي تعتري مسار التأليف والمتصلة في مجملها بمطالب القوى السياسية بحصص وازنة، تصل الى حدود التعجيز، فإن الحريري لا يبدي أي قلق حيال هذا الموضوع، كما صرح من امام الكرملين بعد لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عندما قال: "لست خائفاً من تأخير تشكيل الحكومة". وفي رأي اوساط سياسية، ان كلام الحريري يعبر عن معطيين أولهما انه غير راغب في استدراجه الى تنازلات إرضاء للفريق الآخر، وخصوصاً أن صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية عبرت للحريري عن انزعاج قاعدته من التنازلات التي قام بها سابقا تحت عنوان التسوية الرئاسية.

اما المعطى الثاني فيتمثل بتريث الحريري الرافض القيام بأي "دعسة ناقصة" تثير استياء المملكة العربية السعودية، بعدما استعادت العلاقات بينهما بعضاً من طبيعتها، بعد فترة طويلة من الجفاء أدت الى دفع الحريري في 4 تشرين الماضي الى تقديم استقالته من الرياض.

وتستبعد الاوساط عينها، ولادة قريبة للحكومة أقله في الاسبوعين المقبلين، نظرا الى غياب الحريري عن البلاد في عطلة العيد حيث ينتقل من موسكو الى الرياض لتمضية اجازة الفطر مع عائلته، ويستكمل خلالها مشاوراته التي بدأها في موسكو مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان. وتتوقع الاوساط ان يتوجه رئيس مجلس النواب نبيه بري في اجازة عائلية الاسبوع المقبل بعدما تلمس تعذر ولادة الحكومة في ظل ما تواتر اليه من معلومات عن تأخر مسار تشكيلها.

زوار عين التينة لا يلمسون لدى رئيس المجلس مشاكل جوهرية تعيق التأليف، وينقلون عنه ان مسألة الحصص قابلة للمعالجة، وهي ليست جديدة ويواجهها كل رئيس مكلف. ويلمسون لدى بري كذلك عدم رغبته في إقصاء اي فريق سياسي تحت مبرر قيام معارضة.

لكن مسألة الاقصاء تبدو جدية في ظل المشكلة الواقعة بين "التيار الوطني الحر" وبين "القوات اللبنانية" والتي لم تجد لها سبيلاً للحل بعد. وتأتي حركة وزير الاعلام ملحم الرياشي في اتجاه رئيس الجمهورية موفداً من رئيس القوات سمير جعجع او في اتجاه وزير الثقافة غطاس خوري المفوض الوساطة في الملف الحكومي لتصب في هذا الاتجاه.

حتى الامس، تلخصت العقد الحكومية باثنتين:

- عقدة التمثيل المسيحي والتي يختلف العونيون مع القواتيين على الحصة والحقائب.

- عقدة التمثيل السني في ظل استمرار تمسك الحريري بالحصة السنية الكاملة.

وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن المخرج الوحيد لهذه العقدة يكمن في تنازل الحريري عن حصة لمصلحة رئيس الجمهورية الذي يحتسب وزيراً سنياً من حصته الرئاسية، وان كانت تسمية ذلك الوزير ستكون لفريق الثامن من آذار عمليا. وسينسحب هذا المخرج على العقدة الدرزية رغم الرفض القاطع لزعيم المختارة وليد جنبلاط اي تسوية على حساب حصته من التمثيل الدرزي نتيجة نيله سبعة نواب من أصل ٨.

اما على المقلب الشيعي، فكل المعلومات حتى الآن تؤكد ان الثنائي الشيعي ليس في وارد التنازل عن اي مقعد وزاري حتى لو كان لمصلحة رئيس الجمهورية.