"تعاني نسبة 23.9 من الطلاب في بعض المدارس اللبنانية من التنمّر " Bullying" " وفق دراسة حديثة نشرت في المجلة العلمية " Neuropsychiatrie de l’enfance et de l’adolescence" وشلمت 330 طالباً من ثلاث مدارس في محافظة بيروت.

يشرح المشرف على الدراسة ورئيس قسم الطب النفسي في مستشفى "اوتيل ديو" البروفسور سامي ريشا ان التنمّر هو التعرض للاستهزاء الجسدي، او الكلامي، أو اللفظي. يهدّد التنمّر الأطفال والمراهقين من كافة الفئات الاجتماعية من دون حصرها بفئة معيّنة. ويسبّب التعرض الى التنمّر الشعور بالاكتئاب، أو القلق، أو اضطرابات في النوم، اهتزاز الثقة بالنفس وغيرها. كما يؤدي التعرّض الى التنمّر، عند بعض الأطفال أو المراهقين الهشين في حال مواجهة ازمات نفسيّة وعائلية اضافية، إلى الانتحار. قد تستمرّ الآثار السلبية للتنمّر حتى بعد مرور سنوات عدة على التعرّض إليه. ويلحظ ريشا ان الأطفال أو المراهقين الذين يتعرضون للتنمّر يصبحون في ما بعد يمارسون التنمّر على غيرهم كأداة للسيطرة.

 

حقائق عن التنمر

 

تكشف نتائج الدراسة ان الكلمات المؤذية تشكل نسبة 67.9 في المئة من أنواع التنمّر، الضرب أو الدفش 23.1 في المئة، كما تبيّن الدراسة ان الذكور يمارسون التنمّر أكثر من الاناث (62.1 في المئة من المشاركين في الدراسة يتعرّضون للتنمّر من الذكور بينما تبلغ نسبة الذين يتعرّضون للتنمّر من الاناث 17.3 في المئة) اذ ترتبط صورة الذكر في المجتمع بحب السيطرة، والقوة، واثبات الذات.

من ناحية أخرى، تبيّن الدراسة ان نسبة 63.9 في المئة من المشاركين حاولوا مساعدة الشخص الذي يتعرّض الى التنمّر، بينما لم تقم نسبة 13.3 في المئة بشيء. وشعرت نسبة 11.5 في المئة بأنها غير معنيّة بالأمر.

 

مشاكل التنمّر

في المقابل، تظهر نتائج الدراسة ان نسبة 23.3 في المئة من الطلاب فحسب أفصحوا عن مشاكل التنمّر التي يتعرّضون لها اذ ان معظم الأطفال أو المراهقين يشعرون بالخجل من كشف الأمر، ولا يعرفون من يخبرون أو بمن يثقون. مع الاشارة الى ان الافصاح عن الأمر يساعد في مواجهة التنمّر اذ يتلقى الشخص النصائح المناسبة لمواجهة المشكلة.

تتقارب النسب المسجلة في لبنان مع نتائج الدراسات العالمية. فعلى سبيل المثال، تبلغ نسب الذين يتعرضون للتنمّر عالميّا: 23.9 في المئة في انكلترا، 16.8 في المئة في فنلندا، 6.7 في المئة في سويسرا، 21.5 في المئة في الولايات المتحدة الأميركية، 31.5 في المئة في كندا، 42.5 في المئة في نيوزيلندا، 10.4 في المئة في اليابان.

 

تعزيز الصحة النفسية

 

يقول ريشا ان التنمّر، في السابق، كان يحصل مثلا في المدرسة، وتنحصر مدة حصوله والتعرّض له في الدوام المدرسي، غير ان اليوم، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، يلاحق التنمّر الأشخاص في البيت أو خلال أيام العطل، فيجد الشخص نفسه محاصرا وعرضة بشكل دائم للآثار السلبية للتنمّر.

تشمل وسائل مواجهة التنمّر اعتماد بعض البرامج التي تتبناها المدارس في تدريب الأولاد وفي تعزيز أدواتهم على مواجهة التنمّر. اذ يتدرب الطفل، على سبيل المثال، على كيفية الرد على الكلمات المؤذية التي تتوجه اليه بالطريقة المناسبة. يلفت ريشا الى ان المدارس في لبنان تعتمد بعض البرامج التربوية في مواجهة التنمّر غير ان المشكلة تكمن في ان هذه المدارس لا تتابع بشكل متواصل على مدار السنة هذه المشكلة مع المعنيين ومع الطلاب. كما تستوجب مواجهة التنمّر رؤية متعددة التخصصات يشارك بها التلامذة، والأهل، والتربويون، والاعلام ومنظمات المجتمع المدني المعنية بتعزيز الصحة النفسية عند الأطفال أو المراهقين.