وكأن يوم القيامة اتخذ من رأس بعلبك مسرحاً للتجربة، بعدما اجتاحها "تسوماني"،  ليحولها في لحظات إلى بلدة منكوبة... اذ فجأة سمع الأهالي صوت هدير ضخم متجهٍ من الجرود، ما لبث أن وصل إلى البلدة بسرعة قصوى، ليظهر انه سيل جارف، قضى على الأخضر واليابس، لم تسلم منه الأبنية والمحلات والمركبات، لا بل حتى أرواح الناس، فقد دفعت شهيرة بلعيس حياتها بعدما "ابتلعتها" المياه. لفظت آخر أنفاسها أمام ابنها الذي وقف عاجزاً عن إنقاذها أمام جبروت الطبيعة وتخاذل المسؤولين.

 

غفلة الموت

"كانت الساعة حوالي الثالثة من بعد الظهر عندما غافل السيل أهالي البلدة، كانت شهيرة وابنها ربيع في الدكان الذي تبيع فيه اللبنة البلدية، سارعا إلى إغلاق الباب، لكن قوة المياه حالت دون ذلك"، بحسب ما شرح مختار البلدة عبد الله مراد لـ"النهار". مضيفاً: "في لحظات فارقت الحياة. رحلت عن عمر 65 سنة، تاركة ذكرى جميلة عن امرأة عصامية توفي زوجها قبل نحو سنتين، لديها ثلاثة شبان متزوجين، كانت سيدّة محبوبة من جميع من عرفها، لذلك كانت المصيبة مزدوجة بين ما حل بالبلدة وخسارتها، لاسيما بهذه الطريقة".

 

توجيه أصبع الاتهام

وأشار المختار الى مطالب السكان المتكررة لإنشاء سد، لكن "لا آذان صاغية من قبل المسؤولين، هذه ليست المرة الاولى التي تشهد راس بعلبك هكذا نكبة التي تكمل طريقها الى الهرمل والقاع. والسبب عدم تنظيف مجرى السيل وعدم إنشاء سد. نشكر الصليب الأحمر وبلدية عرسال، الطرفين الوحيدين اللذين وقفا إلى جانبنا بكل إمكاناتهما". لكن الأهم من ذلك، كما يشير سكان البلدة، أن السيل اصطدم بجسر عبور مخالف، مقام على مجرى السيل، وجراء اصطدام المياه به انحرفت لتدخل الى المحل الذي تملكه الضحية.

 

دفاع البلدية

على هذه الاتهامات ردّ نائب رئيس بلدية رأس بعلبك وليم نصر في اتصال مع "النهار"، فاعتبر أن إقامة السد يحتاج الى ميزانية كبيرة تفوق ميزانية البلدية، وبالتالي يجب تضافر جهود الوزارت المعنية وهذا مطلبنا منذ زمن، كي لا تذهب ثروتنا المائية هباء، لكن لم يستجب احد لندائنا". وعن جسر العبور الذي تسبب في موت الضحية قال: "لا يمكنني الجزم بما إذا كان الجسر عائقاً أمام السيل الذي داهمنا بشكل مفاجئ حاملا صخوراً كبيرة تسببت بإغلاق مجاري المياه، خاصة تحت الجسور، ما ادى الى ارتفاع منسوبها". اما عن تقصير البلدية في تنظيف مجرى السيل فعلّق: "ليس من مسؤوليتنا، أرسلنا قبل أيام كتاباً الى وزارة الاشغال للقيام بذلك، فكان جوابها أن الأمر ليس من صلاحيتها، بل من اختصاص وزارة الطاقة، عندها وجّهنا كتاباً إليها، لكن السيل سبقنا". وختم: "هذا قرار الطبيعة، لا احد يمكنه مجابهتها، وقد تضرر بالامس، نحو 60 منزلاً و50 محلاً و10 سيارات، اضافة الى خسارتنا الشهيدة الغالية شهيرة بلعيس".

وكان رئيس بلديّة رأس بعلبك العميد دريد رحّال أعلن البلدة منطقة منكوبة، مناشداً المسؤولين التدخّل الفوري والسريع لرفع الآثار المدمّرة للسيل والتعويض على المتضررين.