أدرك الحزب أن دوره في المقاومة داخليًا وخارجيًا لم يعد يشفع له لدى القواعد الشعبية لدى بيئته تحديدًا
 

أعلن "حزب الله " في برنامجه الإنتخابي في الحادي والعشرين من آذار الماضي ولأول مرة في تاريخه عزمه على محاربة الفساد وقال الأمين العام للحزب السيد "حسن نصر الله" في خطابه: "نحن في مرحلة خطرة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً وصار لزاماً على الجميع أن يتعاطوا مع قضية مكافحة الفساد في جميع مؤسسات الدولة باعتبارها أحد أهم أسباب دفع البلد إلى الكارثة. "وقال: "نحن ملتزمون أن نُبقي تنظيمنا وحزبنا نظيفاً وغير متورط بأي فساد أو هدر".


وفي الخامس والعشرين من أيار، ولمناسبة عيد التحرير، أعلن "نصرالله" أيضا وفي السياق نفسه عن تكليف النائب حسن فضل الله بمسؤولية إدارة هذا الملف الذي سيشكل مركز الإسناد والتخطيط وجمع المعطيات وتقديم الاقتراحات.


فاجأ السيد "حسن نصرالله" الرأي العام اللبناني ببرنامج انتخابي يرتكز على مكافحة الفساد، وهذه أوّل إطلالة لـ "حزب الله" في هذا الاتّجاه، حيث عرف عن "حزب الله "قبل هذا الإعلان أن أولوياته ليست داخلية إنما ترتبط بحسابات أخرى خارج لبنان.


وبعيدا عن الاسباب التي حالت دون الإهتمام الفعلي لـ "حزب الله" بالشأن الداخلي وبعيدا عن النقاش في هذه الأولويات وحيث أن الحزب وعلى لسان أمينه العام قرر الإلتزام بمحاربة الفساد فإن المفروض أن تكون هذه الحرب وفق استراتيجيات وعناوين محددة تمكّن الحزب من الوصول إلى الأهداف المرجوة.


لا شك أن الحزب وعلى هامش الإنتخابات النيابية الأخيرة ومع الإنتفاضة الحزبية والشعبية في بيئة الحزب وأماكن نفوذه استشعر ضرورة العودة الى تحصين بيئته، هذه البيئة التي باتت جاهزة للإنتفاضة على الواقع المعيشي المزري الذي تعيشه وقد أجرى أجرى الحزب استطلاعات عدة لمعرفة مزاج هذه البيئة وأولياتها وقد أظهرت تلك الاستطلاعات انّ أولويّة بيئته لم تعد للمقاومة، بل أصبحت للوضع المعيشي والمالي والاقتصادي والفساد المستشري في الدولة و أجهزتها المالية والإدارية، أدرك الحزب أن دوره في المقاومة داخليا وخارجيا لم يعد يشفع له لدى القواعد الشعبية لدى بيئته تحديدا وبالتالي لا بد من تحمل المسؤوليات الداخلية بشكل جدي وأن المعالجة باتت ضرورة ملحة.

 

إقرأ أيضًا: حزب الله يستعجل تشكيل الحكومة ورغبة سعودية بالتأجيل

 

ومن ناحية ثانية أدرك الحزب بناء على معطيات ومعلومات أنّ الوضع الاقتصادي في لبنان على شفير الإفلاس في حال لم تتّخذ الدولة خطوات إنقاذية سريعة، كما أدرك الحزب أن مؤتمرات الدعم تأتي جميعا في هذا السياق وتؤكد إمساك المجتمع الدولي بالوضع اللبناني برمته ماليا وبالتالي ارتهان لبناني كامل للإرادة الدولية ما يشكل خطرا كبيرا على "حزب الله".


ولذلك كله كان الحزب أمام مهمة جديدة تستدعي المواجهة هذه المرة من داخل الدولة وأجهزتها فهل يمكن لـ "حزب الله" أن ينتصر في هذه المعركة؟ وقد بلغ الفساد في الدولة كل أجهزتها وكياناتها سيما وأن معركة من هذا النوع تحتاج إلى تضافر كل الجهود كما هي بحاجة إلى الحاضنة الشعبية وكل المؤسسات المعنية لا سيما الرقابية والقضائية والأمنية.


في العام 1970 قال فؤاد شهاب في بيان عزوفه التاريخي عن الترشيح للرئاسة في أن تجربته في السلطة أقنعته بأن شعبه ليس جاهزاً للتخلي عن العقلية الإقطاعية والاقتناع بأهمية الدولة الحديثة.


وهذه هي الحال وفي هذه المعركة تحديدا فإن السؤال هل ضمن "حزب الله" غطاء له في هذه المعركة وما هي ضمانات النجاح؟


في هذه المعركة "حزب الله" سيجد نفسه في مواجهة الجميع الحلفاء والأصدقاء والشركاء قبل الخصوم، وفي مواجهة الخصوم ستتداخل السياسة بالطائفة والدين والمذهب ويكون الحزب أمام معضلات كثيرة ولذا فإن الاستراتيجية الأساسية يجب أن تبدأ بسنّ القوانين واعتبارها مدخلا أساسيا لتحقيق الإنجاز بوضع حد للفساد بكل أشكاله وأنواعه.


كما أن المطلوب تشكيل جبهة واسعة بعيدا عن الإصطفافات السياسية من الحلفاء والخصوم، جبهة مؤلفة من كل من آمن بحمل شعار محاربة الفساد وتحويل هذه القضية إلى قضية رأي عام وثمة في لبنان شرفاء كثر وحريصون كثر سيقفون إلى جانب "حزب الله" في معركته بعيدا عن أي اصطفاف سياسي طالما كان الهدف إنقاذ لبنان من الإنهيار.