يشارك فيه 85 فناناً تشكيلياً من خلال 150 لوحة
 

على عمق يتراوح ما بين 30 و37 مترا تحت مياه البحر مقابل نهر إبراهيم شمال لبنان يقام معرض «تحت المياه» للفنون التشكيلية من تنظيم جمعية «بيليف إن ليبانون». هذه التجربة تعد الثانية من نوعها في لبنان بعد نجاح الأولى منها العام الفائت. إذ أقيم معرض شبيه له في مياه مدينة جبيل الساحلية ضم 35 لوحة فنية. ويأتي المعرض الحالي ليترجم تبني جمعية «بيليف إن ليبانون» 14 هدفاً من أهداف التنمية المستدامة الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة وعنوانه «الحياة تحت المياه». وكان قد سبق هذا المعرض المائي آخر وكان بريا استضافه نادي «ATCL» في الكسليك تضمن النسخ الأصلية من المعرض الحالي والمرسومة بالتقنيات الزيتية والأكليريك وغيرها وذلك في مناسبة اليوم العالمي للبيئة الذي يصادف 8 يونيو (حزيران) من كل عام.

«إضافة إلى كونه يرمي إلى تعزيز السياحة البيئية تحت المياه والحفاظ على النظافة في بحرنا، فإن هذا المعرض سيتيح لنا فرصة دخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية». تقول كوليت حداد رئيسة جمعية «بيليف إن ليبانون» المنظمة لهذا الحدث بالتعاون مع مركز الأمم المتحدة للإعلام ونادي «ATCL» (النادي اللبناني للسيارات والسياحة) ونادي «أوكتوبيس تيم» للغطس. وتضيف حداد أن الإنجاز السابق الذي دخل هذه الموسوعة تضمن 100 لوحة معروضة في مياه بركة سباحة في دبي. أما نحن ففرصتنا لكسر هذا الرقم أكبر كون المعرض يتضمن حاليا 139 لوحة بعد أن طاف 11 منها فوق المياه وهو يقام على عمق 37 مترا وليس مجرد «بيسين». وتشير في خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الثغرة الوحيدة التي يمكن أن تؤخرنا عن بلوغ هدفنا هذا يكمن في التقنية التي استخدمت لتصوير المعرض. إذ اضطررنا إلى استعمال أكثر من كاميرا واحدة لتغطية الأعمال نظرا لضخامة الحدث فيما المطلوب تقديم فيديو للجنة الحكم مصوراً بكاميرا واحدة». وبحسب كوليت حداد فإن حضور أحد ممثلي الموسوعة إلى لبنان للتأكد من أن الفيديو يصور معرضا واحدا بأكمله يتطلب تكلفة تبلغ 10 آلاف يورو. وهو مبلغ غير متوفر بالنسبة للجمعية. وبالتالي فإن التواصل ما بين الموسوعة العالمية والجمعية اللبنانية يجري «أونلاين» أي بواسطة الشبكة العنكبوتية.

جميع اللوحات المشاركة في المعرض تدور مواضيعها حول الحياة والمياه. فبينها ما يتناول شلالات جزين للفنان التشكيلي غسان محفوظ والأخطبوط البحري المرسوم على بيض النعام لكارن عبدو والسفينة الفينيقية المرسومة بالخيط بحسب تقنية الفنانة ديانا عقل. كما يتضمن أعمالا أخرى من موزاييك ونحت بينها لوليد طبشراني الذي رسم سلاسل حديدية وأنطوان هاشم الذي نحت مجسم سمكة ضخمة. أما كوليت حداد فتشارك بدورها في المعرض من خلال لوحة زيتية تصور فيها سمكة مع المرجان وزهرة «لوتيس» وباخرة مائلة. وكانت حداد قد دخلت موسوعة غينيس في عام 2015 من خلال لوحة رسمتها تحت المياه استغرقتها نحو ساعتين.

أما زوار هذا المعرض فهم يتألفون فقط من هواة الغطس لا سيما أنه يقام على عمق 37 مترا. ويوضح رئيس نادي الغطس في لبنان إنترانيك حداد بأنه ينوي فتح أبواب هذا المعرض طيلة أيام السنة ليصبح موقعا سياحيا بامتياز يؤمه هواة الغطس من لبنان وخارجه. ويضيف في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «نور الشمس يكفي للتجول بين لوحات المعرض الذي تستغرق زيارته نحو 35 دقيقة. كما أن التعرجات وطبيعة بحر لبنان تسمح للزائر في الاطلاع على لوحات تكريمية أقمناها تحت المياه تحية لضحايا حوادث غطس ودراجات نارية، فيما نتمنى أن نضيف إلى هذه اللوحات أخرى لشهداء الجيش في منطقة عرسال مرفقة مع أسلحتهم تكون بمثابة تحية تكريمية لهم». والمعروف أن مياه بحر لبنان غنية بمتاحف طبيعية تتألف من المغاور كتلك الموجودة في بلدة سلعاتا الساحلية (في منطقة البترون) والتي تضاهي بحجمها وأهميتها تلك الموجودة في بحر مدينة سردينيا الإسبانية، وأخرى موجودة في المنطقة البحرية الممتدة بين بلدات البوار والعقيبة (شمال لبنان) وصولا إلى جزيرة الأرانب في طرابلس. كما يوجد في بحر لبنان أيضا غواصة غرقت مقابل شاطئ السعديات إبان الحرب العالمية الثانية وطراد فرنسي تغمره مياه جزيرة الأرانب والباخرة البريطانية «فكتوريا» في بحر طرابلس (على عمق 75 مترا) وغيرها من البواخر والطائرات التي ابتلعها بحر لبنان من جراء حوادث مختلفة تعرضت لها فسقطت في المياه الإقليمية اللبنانية.

وبالعودة إلى لوحات معرض «تحت المياه» فتتراوح أحجامها ما بين 60 و70 مترا وهي مطبوعة على لوحات مصنوعة من مادة الفلين المضغوط (PVC)، والتي تستطيع تحمل تقلبات الطقس تحت المياه لمدة زمنية طويلة. أما التقنية التي تستعمل خلال رسم اللوحات تحت المياه فترتكز على استخدام مواد زيتية تشبه الشحم تلتصق بسهولة على القماش الخاص بالرسم ويمكن تصحيح أي خطأ يشوبها بطريقة سهلة. وتختم كوليت حداد: «يعد هذا المعرض نموذجا حيا عن الحياة تحت المياه في لبنان بغض النظر عن مشاكل التلوث التي يعاني منها. فهو يسلط الضوء على وجه مضيء من لبنان قلة من الناس تعرفه».