يرخي الوضع الأمني المرير الذي عاشته مدينة بعلبك ولا تزال، بظلاله على الواقع الاقتصادي وحركة السوق التجارية قبَيل العيد، مترافقاً مع عدة عوامل وقع أصحاب المحالّ والمؤسسات التجارية ضحيتها، بعد أن كانت آمالهم معقودة على موسم الأعياد لتعويض بعض خسائرهم التي تكبّدوها على مدار السنة بفعل الأحداث الأمنية التي تقع وتُفرغ معها السوق التجاري من مريديه بلحظات.
 

تطول وتطول الأحداث الأمنية التي تعيشها بعلبك من دون حلّ جدّي يعيد لها أمنَها وأمانها، وكأنّ هناك حملةً منظمة وجهةً مجهولة الهوية تريد أن يبقى الواقع على حاله، ومعه يَرزح المواطنون تحت أثقال وأعباء ليس أوّلها الخوف على أرواحهم التي تحصدها في أيّ لحظة رصاصة طائشة، وكأنّما أريدَ أن يبقى البقاعيون ضِمن دائرة الخوف تلك والخضوع للأمر الواقع.


ولأنّ «الرزق عند تزاحمِ الأقدام» يكاد سوق بعلبك يشبه باقي أيامه خلال موسم العيد الذي تزامنَ مع الحديث عن حملةٍ أمنية تكاد تكون سرّية.
أسهمت عوامل عديدة في انعدام الحركة التجارية لسوق بعلبك، أهمُّها الواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه جزء كبير من البقاعيين والبطالة المنتشرة، وضعفُ القدرة الشرائية للناس، ناهيك عن الديون التي تكبّل أصحابَ المحال والمؤسسات في سوق بعلبك الداخلي والفوائد، في حين أنّ معظم محلّاتهم مستأجَرة، أضِف إلى ذلك خطة السير المتَّبعة في المدينة والتي لم تجد طريقاً للحلّ حتى الآن حيث يضيع الداخل إلى المدينة، وقلّة المواقف العمومية، ما يَدفع الناس للتوجّه إلى خارج المدينة وصولاً حتى مدينة زحلة لقضاء حاجاتهم.


وفي هذا الإطار يشير عامر الحج حسن المدير التنفيذي لنقابة تجّار البقاع في حديث لـ«الجمهورية» إلى أنّ الوضع الاقتصادي في سوق بعلبك تراجَع أكثر من 60 % عن العام الماضي، وجزءٌ من أسبابه الوضع الاقتصادي السيّئ في لبنان عموماً، وفي بعلبك يزيد الوضع الأمني الطينَ بلّة، ويشير إلى أنّ الوضع الأمني يتطلّب حلاً سريعاً ولا ينتظر إلى ما بعد الأعياد، فواقع المدينة لا يحتمل وعلى القوى الأمنية أن تمارس دورَها على أكمل وجه، وإنّ من يطلق النار في سوق بعلبك معروف، والبلدية لديها كاميرات في سوق المدينة ويمكِن الاستعانة بها لمعرفة الفاعلين، لكن حتى الآن لم نسمع باستدعاء القوى الأمنية أياً من الذين يقومون بتلك المشاكل.


وتمنّى أن يقوم الجيش بتخفيف الحواجز والاستعاضة عنها بعمليات أمنية، لأنّ المواطن العادي من يتوقف عليها في حين يهرب منها المطلوبون، وسأل الحج حسن عن الاهتمام الأمني خلال مهرجانات بعلبك الدولية والانتشار الكثيف للجيش والقوى الأمنية وعدم حصول أيّ أحداث أمنية خلال تلك الفترة، كذلك سأل عن حواجز السير لقوى الأمن الداخلي في بعلبك التي يقع ضحيتها الفقير مقابل مرور السيارات دون لوحات وذات الزجاج الداكن.


بدوره أشار هادي رعد صاحب أحد محلات الألبسة إلى أنّ الحركة التجارية في السوق ضعيفة منذ قرابة السنة، وأصبحت شِبه معدومة منذ ثلاثة أشهر وانخفضت بنسبة 30 % عن العام الماضي، فمعظم أهالي القرى والبلدات المجاورة يذهبون إلى زحلة للتسوّق دون الدخول إلى بعلبك، وذلك بسبب التوتّرات الأمنية والفلتان، مضيفاً أنّ معظم التجّار يدفعون إيجارات محالهم من جيوبهم ولم يعُد بمقدورهم تحمُّل خسائرهم.


الواقع الاقتصادي الصعب الذي تعانيه بعلبك منذ مدة بعيدة يستدعي تحرُّكاً إنمائياً بالتوازي مع التحرّك الأمني، فلا أمن بلا إنماء، ولم يعد لأصحاب المحالّ والتجّار القدرة على الاستمرار في دفع الخسائر، ولم يعد بمقدور المواطن دفعُ التكاليف في الفاتورتين.