هل ستتعلّم الدولة من هذا الدرس القاسي لإعطاء المنطقة أهمية كبيرة ؟!
 

 

إنصدم اللبنانيون بالأمس بمشهد السيول الجارفة التي إجتاحت أزقة ومنازل بلدة رأس بعلبك وأدت إلى تدمير العديد من الممتلكات وسقوط قتيلة إضافة إلى عدد من الجرحى .

وقد جرف السيل العالي كل شيء في طريقه داخل البلدة ، والذي وصفه الأهالي بالسيل الأقوى والأكبر منذ ١٠٠ عام ، ما جعل رئيس البلدية العميد المتقاعد دريد رحال يُعلن البلدة بأنها منكوبة .

ومن شاهد الفيديوهات والصور التي إنتشرت عبر السوشيال ميديا ووسائل الإعلام ، لا يُمكنه إلاّ أن يُوصفه بأن يوم القيامة قد حلّ ضيفاً ثقيلاً على بلدة رأس بعلبك وأهاليها .

فحجم الدمار والمشاهد المروّعة كان فظيعاً ، ما أعاد فتح ملفات الحرمان وتطنيش الدولة عن هذه البقعة الجغرافية الغالية على قلوب اللبنانيين والتي لم تبخل بالدماء والأرواح من أجل مواجهة الإرهاب والعدو الإسرائيلي .

ورغم أن المنطقة معرّضة للسيول ، لكنها لم تشهد هكذا سيل منذ سنوات عديدة ، ولم تكن الدولة مُستنفرة وعلى قدر مسؤولياتها في هكذا حالات طارئة .

فالبنية التحتية غير مهيّئة لهكذا سيل وهذا ما أثبتته المشاهد ، والدولة غائبة عن مسؤولياتها ولم تتدخل إلاّ بعد وقوع الكارثة .

واليوم ، البلدة منكوبة بكل ما للكلمة من معنى ، ومن حق الأهالي والمزارعين أن يسألوا عن من سيُعوّض لهم كل هذه الخسائر ، وهل ستتعلّم الدولة من هذا الدرس القاسي لإعطاء المنطقة أهمية كبيرة ؟!

ورغم أن المواطن البقاعي هو الخاسر الأكبر فيما جرى ، إلاّ أن الخسارة لحقت بالدولة ، وكشفتها ومعها أحزاب المنطقة أمام الرأي العام .

 

إقرأ أيضا : بالفيديو: سيول تجتاح رأس بعلبك... ورئيس البلدية: البلدة باتت منكوبة

 

 

فما حصل هو فضيحة للدولة التي لا تتعرّف على تلك المنطقة إلا وقت تحصيل الضرائب أو عند الإستقواء على الفقراء ، ومن حق البقاعي أن يجد أجوبة على هذه الأسئلة ، فالوضع لم يعد يُطاق.

ومن واجب الدولة اللبنانية الآن بعد هذه الكارثة ، أن تتخذ إجراءات سريعة لتعويض خسائر المواطنين ، ومن ثم وضع خطة طوارىء لإعادة بناء البنية التحتية بما يتناسب مع هكذا تحديات .

خصوصاً أن المناخ في لبنان ، عام بعد عام يشهد تقلبات مفاجئة على مدى الأشهر والفصول ، ما يتطلب خطة مستدامة جاهزة لمواجهة كافة تحديات الطبيعة على مدى أيام السنة .

أما الإستمرار في عقلية التعاطي مع هذه المنطقة بأنهّا منطقة أطراف بعيدة عن المركز ، وبعيدة عن سياسات الإنماء المتوازن ، ومعاملة سكانها على أنهم مواطنون درجة ثانية ، فسيُعقّد المشكلة أكثر ويُفاقم المصائب .

والمطلوب من الدولة وأحزاب الأمر الواقع في المنطقة إشعار أهلها بأنهم مواطنون ينتمون لهذا الوطن ، عبر دعم صمودهم في تلك المناطق وتأمين أسباب إستمرار عيشهم ، ومنها مواجهة هكذا سيول مفاجئة.

فالكارثة قد تتكرّر في أي لحظة ، وعندها لن ينفع الندم.