يتفاقم التوتر بين حزب الله والقوات الروسية في المناطق القريبة من الحدود اللبنانية السورية. بالأمس ازداد التوتر في بعض النقاط، حيث اتخذ حزب الله وضعيات عسكرية قتالية في مواجهة الشرطة الروسية. وتشير مصادر متابعة إلى أن الحزب اتخذ هذه الوضعية للتأكيد أنه موجود ويرفض الانسحاب، فيما التوجه الروسي يهدف إلى قطع التواصل بين لبنان وسوريا عبر المعابر التي يستخدمها الحزب، وضبط حركة الحدود، تمهيداً لإجراءات أخرى قد تحصل. الخلاف الروسي الإيراني بشأن الوضع السوري يتزايد، وفق ما تؤكد المصادر. وتشير إلى أن هناك توجهات مختلفة جذرياً حيال المقاربات للموضوع. فموسكو تستعجل التسوية، وتريد أن تكون الطرف الوحيد الذي يقرر المجريات السياسية والعسكرية فوق الجغرافيا السورية، بينما لدى طهران مشروع خاص. وهي غير مستعجلة للتسوية، قبل تحقيق نقاط في هذا المشروع. وهي غير مستعدة للتنازل أو التراجع، وغير موافقة على الدخول في مفاوضات سياسية، لأنها منتصرة في الميدان.

تحاول روسيا إيجاد حالة من الاستقرار التفاوضي مع الغرب، بتكريس نفسها مرجعية وحيدة لمجمل التطورات السورية. بينما إيران وحزب الله يتصرفان وفق قاعدة رفض التسوية ورفض الابتعاد عن الحدود. في هذا المجال، تزداد الخلافات الروسية الإيرانية، فيما موسكو تحرص على حفظ وضع الأسد ونظامه، والحفاظ على الأمن الإسرائيلي، الذي تتعهد موسكو بتوفيره من خلال اتفاق الجنوب. لكن الأهم والمخفي في هذا الاتفاق تكشفه المصادر بأنه منع الروس حصول عمليات نقل أسلحة لإيران وحزب الله في سوريا، وأي شحنة أسلحة سيتم تحريكها من مكان إلى آخر ستكون عرضة للضرب الإسرائيلي بموافقة روسية. موسكو تضمن عدم تمتع حزب الله وإيران بحرية التنقل ونقل الأسلحة فوق الأراضي السورية.

عليه، تلفت المصادر إلى أن النقاش يحتدم، للوصول إلى حلّ وسط، لم يعرف بعد كيف سيكون. وتربط المصادر ذلك بالاختلاف الروسي مع حزب الله بشأن كيفية ترتيب الوضع على الأرض. ولا تستبعد المصادر امكانية إقدام روسيا على اتخاذ إجراءات كبرى في سوريا، سياسية أو أمنية، من خلال إحداث صدمات داخل بنية النظام، مع احتمال الوصول إلى ضربات أو عمليات أمنية تهدف إلى الإمساك الروسي بكامل مفاصل القرار.

خلاصة القول إن إيران ترفض الإجراءات والتوجهات الروسية، وهي تربط الدخول في أي حل أو تسوية بتحقيق نقاط تعزز موقعها وتعوّض لها الخسارات التي تكبدتها منذ دخلت إلى سوريا. وهي فتح ممر آمن واستراتيجي من إيران إلى سوريا وتالياً إلى لبنان، بالإضافة إلى البقاء في صلب التحولات السورية مع التأثير في المجريات السياسية استناداً إلى نتائج الميدان. الأمر الذي تعارضه موسكو، في سياق سعيها لتوفير مظّلة الأمن لإسرائيل. وتشير المصادر إلى أن هناك أكثر من صيغة حلّ للوضع في جنوب سوريا.

يبقى السؤال عن موقف النظام السوري مما يجري. رئيس النظام بشار الأسد أشار إلى وجود اختلافات، لكنه وضعها في سياق الأمر الطبيعي. فيما تؤكد المصادر أن النظام السوري يميل إلى الروس بفعل الضغط الكبير، والتأثير الروسي الأكبر. وهذا ينعكس في انتشار قوات من الجيش السوري في محيط القصير، وصولاً إلى مناطق قريبة من الحدود اللبنانية. هذا الانتشار يأتي بناء على مطلب روسي، لما تمثّله المنطقة من أهمية استراتيجية، جغرافياً وعسكرياً. وهي منطقة مؤذية بالنسبة إلى الإسرائيليين، خصوصاً أنها تحتوي على قواعد عسكرية ضخمة وأسلحة كاسرة للتوازن.