إستطاع الحزب التفريق بين التوجه العام لقواعد الحركة وثوابتها التاريخية وبين أداء قيادتها
 

 

ليست هي المرة الأولى التي تثير فيها تصريحات مسؤولين إيرانيين يتناولون فيها الوضع اللبناني زوبعة من ردود الفعل والاستنكار، وفي كل مرة يتعمد فيها المسؤولين الإيرانيين بالجهر على ما يحاول "حزب الله " إخفائه او على اقل تقدير عدم البوح به صراحة .

فبعد تصريح وزير الاستخبارات السابق في حكومة محمود أحمدي نجاد حيدر مصلحي عن سيطرة ايران على اربع عواصم عربية ، بيروت واحدة منها بالاضافة الى دمشق وبغداد وصنعاء !! وما قاله ولايتي خلال زيارة لمدينة حلب السورية، إن خط المقاومة يبدأ من طهران ويمر ببغداد ودمشق وبيروت ! وآخر يصرح بأن حدود إيران تمتد إلى المتوسط ... 

جاء وبنفس هذا السياق تصريح قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني ونقلته وكالة " مهر للانباء " الايرانية عن فوز "حزب الله" ب 74 مقعد نيابي في الانتخابات الاخيرة، وتحول الحزب من حزب مقاوم الى حكومة مقاومة ! كمؤشر بحسب سليماني لسيطرة ايران على القرار السياسي في لبنان بعد سيطرته عسكريا وأمنيا .. 

أثار هذا الكلام الكثير من الردود، بالأخص من حلفاء "حزب الله "الذين شملهم سليماني تحت عباءته " المباركة" ، وفي مقدمة هؤلاء نواب  كتلة " لبنان القوي " حتى ولو جاء الرد متأخرا وخجولا على لسان أحد أعضاءه ، وكذلك كان رد من رئيس الحكومة سعد الحريري الذي اعتبر كلام سليماني تدخلا سافرا  بالشأن اللبناني ومحاولة لتغطية خسارته في العراق بحسب الحريري .

 

إقرأ أيضا : قاسم سُليماني يُفجّرها ... حصّة الحزب النيابية ٧٤ نائباً

 

 

وكما كان متوقعا، فانه لم يصدر اي تعليق رسمي من قيادة حركة أمل أو على لسان أحد مصادرها مما يعني قبول ضمني بتوصيف نواب كتلة " التنمية والتحرير " واعتبارها بكامل أعضائها بمن فيهم الرئيس نبيه بري من عداد نواب "حزب الله " المأمور من الحرس الثوري تماما كباقي الكتل الصغيرة ( القومي - البعث - المردة - بعض المستقلين ) .

فإذا كان صمت قيادة حركة أمل وعدم الرد على سليماني مفهوم لاعتبارات يعرفها الجميع، جاءت بعض الردود على صفحات كوادر حركية على صفحاتهم في التواصل الاجتماعي كمحاولة منهم لرفض واقع هم يصرون على نكرانه باستمرار ولا يريدون تصديقه، ولو أن كل المعطيات العملية على الارض تثبت صحة ما جاء بتصريح سليماني ، 

فكتب أحد نشطاء حركة أمل ( ابو نبيه ) رسالة طويلة إلى اللواء سليماني جاء في مقطع منها : " حضرة اللواء،

يا ضلّك باختصاص و عملك الامني و العسكري يلي منبصملك فيه و منرفعلك فيه العشرة يا بدك تراجع حساباتك قبل ما تحكي سياسة و نتائج انتخابات العراق لازم تكون اكبر درس و عبرة لَتوَقفوا هالاسلوب يلي بتتعاملوا فيه مع الشعوب الحليفة و الصديقة الكن حضرة اللواء،،" .

هذه الرسالة الاستنكارية وما تبعها من تعليقات حركية عليها رافضة اعتبار نواب التنمية والتحرير من ضمن حصة "حزب الله " النيابية، ان دلت على شيء فانها تدل على حقيقة واحدة، هي هذه الفجوة الهرمية بين  قيادة حركة أمل من جهة وتسليم قرار الجنوب والشيعة الى الحرس الثوري، وبين قواعد الحركة الرافضة لهذه الحقيقة من جهة أخرى .

إن قواعد حركة أمل الذين نشأووا  وتربوا تحت شعار الدفاع عن قرار الجنوب، وان قرار الجنوب هو للجنوبيين ، لم يستسيغوا فكرة أن حركة أمل صارت تحت إشراف قيادة من خارج الجنوب مهما كان إحترامهم لهذه الجهة ( الحرس )، إلا أن الحقيقة المرة  تقول بأن "حزب الله " استطاع التفريق بين التوجه العام  لقواعد الحركة وثوابتها التاريخية وبين  أداء قيادتها وهذا ما ظهر جليا من نتائج الانتخابات  وفارق الأرقام  المهول التي حصل عليها نواب الحركة ونواب الحزب، وهذا الفارق لم يكن صدفة طبعا بل محاولة مكشوفة من قبل الحزب ورسالة واضحة الدلالة بأن وجودكم بالحكومة وعلى رأس البرلمان هو في قبضتنا وتحت هيمنة أصواتنا ! وهذه الرسالة التي تفهمها جيدا قيادة الحركة لم تصل بعد إلى القواعد .... 

والخشية كل الخشية بأن تصل بعد فوات الأوان .