سليماني الخاسر سياسيًا في العراق وسوريا يلتف على خسارته باللجوء إلى لبنان
 

أخفقت إيران في انتخابات العراق، وكانت نتائج الإنتخابات العراقية مدوية لجهة المزاج الشعبي العراقي الرافض للهيمنة الإيرانية، وبالرغم من الذراع الطويلة لإيران في المجال السياسي والعسكري في العراق، إلا أن هذه الإنتخابات شكلت منعطفًا جديدًا في الحياة السياسية العراقية كرستها الإرادة الشعبية العراقية الرافضة لأي تدخل سيما التدخل الإيراني الذي اعتُبر شعبيًا سيطرة إيرانية تامة على كل مقدرات الدولة العراقية، وبالتالي رفض العراقيون هذا التدخل وقالوا كلمتهم التي سرعان ما وصلت إلى مسامع القيادة الإيرانية التي تحاول اليوم قراءة هذه النتائج وأسباب الإخفاقات التي منيت بها من جهة، كما تحاول استيعاب ما حصل عبر التشويش على نتائج الإنتخابات النيابية في لبنان من جهة ثانية، على أن التصريحات الأخيرة لقائد فيلق القدس قاسم سليماني تأتي في سياق الهروب إلى الأمام، إذ يطل سليماني ومن غير مناسبة على الواقع اللبناني الجديد ليشنّ هجومًا عنيفًا على المملكة العربية السعودية من زاوية تدخلها في الإنتخابات اللبنانية ودعمها لجهات سياسية وحزبية لبنانية، مشيرًا إلى أن المملكة أنفقت 200 مليون دولار في الإنتخابات اللبنانية معتبرًا أنها لم تحصد سوى الفشل، فيما لم يحدد سليماني حجم الأموال الإيرانية التي دفعتها إيران أيضًا لحلفائها في لبنان للهدف نفسه.

هزيمة العراق الإنتخابية وجملة إخفاقات كثيرة أخرى في سوريا، والوهن الواضح أمام الضربات الإسرائيلية على مواقع إيرانية في سوريا، دفعت قياديين إيرانيين وعلى رأسهم قاسم سليماني لتحويل هذه الإنتكاسات إلى إنتصارات انطلاقا من نتائج الإنتخابات اللبنانية التي أعادت تشكيل اصطفافات جديدة سمحت وحسب القانون النسبي بالتركيبة الحالية للمجلس، التركيبة التي أخفق سليماني بتوصيفها بقوله أن "حزب الله" حصل على 74 مقعدًا نيابيًا من أصل 128 وهو توصيف غير دقيق في موازين الربح والخسارة لبنانيًا.

إقرأ أيضًا: «حزب الله» خارج سوريا قريبًا!

سليماني الخاسر سياسيًا في العراق وسوريا يلتف على خسارته باللجوء إلى لبنان ربما يستطيع أن يمنح الواقع المتردي لإيران في المنطقة شيئا من الطمأنينة إلا أن اللهجة اللبنانية قد تكون صعبة كثيرًا على سليماني وبالتالي لن تقدم ولن تؤخر في ظل الأحداث السياسية الأخيرة في المنطقة، وفي ظل الترتيبات النهائية للخروج الإيراني من سوريا الذي سيكون له ارتداداته ومفاعيله على تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، فهل سيكون لبنان ساحة جديدة للتمدد الإيراني بعد كل هذه الإخفاقات؟

تصريحات سليماني اللبنانية تؤكد أن ثمة رغبة إيرانية بتغيير قواعد اللعبة إنطلاقًا من الساحة اللبنانية، وإن الهجوم العنيف على المملكة العربية السعودية يؤكد هذا المسار باعتبار أن الحضور المميز للمملكة في لبنان وحرصها على التواصل مع القيادات اللبنانية يفتح الشهية الإيرانية على مزيد من المواجهة مع الإنفتاح السعودي الأخير على كل مكونات المجتمع اللبناني السياسية والتي ظهرت واضحة خلال الزيارة الاخيرة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى المملكة العربية السعودية ولقائه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هذه الزيارة التي سيكون لها دلالاتها وأبعادها على الساحة اللبنانية قريبا لما يمثله وليد جنبلاط في المزاج الشعبي اللبناني والتي تشير أيضًا إلى أن المملكة إلى مزيد من الحضور والمواجهة على الساحة اللبنانية.

إن إطلالة سليماني اللبنانية تؤشر إلى مواجهة جديدة سعودية إيرانية على الاراضي اللبنانية وأولى بوادر هذه المواجهة الصراع الحالي حول تشكيل الحكومة والطريقة التي تدار بها عملية التشكيل التي أدت إلى امتعاض "حزب الله" من البرودة التي يتعامل بها الرئيس سعد الحريري في تشكيل الحكومة والإيحاءات هنا سعودية وإيرانية.