«دخيلكن ما تقتلوني، طالع، طالع»... العملية كانت خاطفة ونوعيّة: المطلوب خطير جداً وشرِس، مسدّسُه دائماً على خصره و«ملقّم» أي أنه جاهزٌ لإطلاق الرصاصات في أيِّ وقت وباتّجاه أيِّ شخص، في حقّ هذا الرجل 16 مذكرة عدلية، أما مدة متابعته الخفيّة فامتدت لنحو 4 أشهر، حتى أتت اللحظةُ الخاطفة وقُبض على أحد أهمّ مزارعي الماريجوانا وتجّارها في محلة حبوب- جبيل.
 

لم يتوقّع تاجر الماريجوانا «المخضرم» اللبناني س. ف. (1979) أن يكون مكتبُ مكافحة المخدرات المركزي له في المرصاد، فـ»لو بدا تشتي غيّمت»، هو الذي يملك باعاً في زراعة المخدرات والإتجار بها، خصوصاً وأنه اتّخذ الإحتياطات اللازمة، فكان غالباً ما يبدّل سياراته ومنازله ويتنقل بين مناطق عدة منها العاقورة وقرطبا وجبيل وبلاط.


ما يجهله تجار المخدرات، هو أنّ عالمَهم الأسود مغلق على بعضه، ويُمكن لموقوف واحد من خلال اعتراف بسيط أن يوصِل الى مَن هو أكبر منه، ومِن هالك الى مالك الى رأس الهرم.. وعلى غفلة قد يُقبض عليهم، في ليلة «ما فيها ضو قمر»، أما س. ف. فالقرعة وقعت عليه فجر السبت الفائت، خصوصاً وأنّ في حقه 16 مذكرة عدلية بجرم زراعة المخدرات وتجارتها وترويجها، إضافة الى جرائم السرقة وتصريف المسروق ومحاولة القتل ومن ضمنها 5 أحكام بالأشغال الشاقة المؤبّدة وغرامات مالية، وهو ما يرفع من نسبة خطره على المجتمع.

اللحظة الخاطفة
توقفت السيارات الرباعية الدفع وسط الطريق، نزل منها عناصر مكتب مكافحة المخدرات المركزي مدجَّجين بالأسلحة تؤازرهم قوة من المجموعة الخاصة التابعة لوحدة الشرطة القضائية (swat team والـBRI)، في لحظة خاطفة لم تعطِ المجال لأحد ليلتقط أنفاسه، طوّقوا المبنى من كل الجهات ودهموه.


لم يكن تحديدُ مكان وجود المتّهم وليد الساعة، بل جاء نتيجة متابعة خفيّة ومراقبة لتحرّكاته امتدت لفترة طويلة، حتى ساعدتهم تقنيات خاصة في رصد مكانه، وما أن طوّقوا المبنى ودهموه حتى تبيّن أنّ باب منزله مصفّح، وهو ما يحتاج لمتفجّرات لا يملكها الجهاز الأمني المولج تنفيذ المهمة، ما استدعى العناصر الى محاولة خلع الباب مرات عدة، فتمكّنوا من فكّ الحاجب وفتح الباب بالتالي.


في الداخل كان المطلوب مختفياً، لكنّ العناصر كانوا متأكّدين من وجوده في المنزل نتيجة الرصد الذي لا يكذب، ما رجّح فرضيّة تخفّيه في المبنى، خصوصاً وأنه مطوَّق ولا مجال لهروبه منه. فتبيّن بعد تفتيشٍ دام لنحو 3 ساعات أنه كان مختبِئاً في منور المبنى وهو ما حدّده العناصر من خلال منظار قوي جداً أضاؤوا المنور به، فصرخ من داخله «دخيلكن ما تقتلوني، طالع، طالع».


المنزل كان فارغاً من المخدرات بطبيعة الحال، لكن العناصر يعوّلون على التحقيق ليكشفوا عن مخبئها رغم أن المتهم أكد حسب إفادته أنه صرّفها. الى ذلك وُجد مبلغ مالي وقدره نصف مليون دولار أميركي (مصدره تجارة المخدرات)، بندقية حربية من نوع «كلاشنكوف» ومسدس حربي من نوع «glock» مع المماشط والذخائر، كما أوقفت زوجته التونسية ص. ب. (1985) التي كانت برفقته في المنزل، والتحقيق جارٍ بإشراف القضاء المختص.

خطر الماريجوانا
قد يعطي البعض حججاً لتعاطيهم الماريجوانا، فبين قائلٍ إنها مادة طبّية وآخر إنّ بعض الدول شرّعتها، تبقى الحقيقة العلمية هي الأوضح، فالماريجوانا تُعتبر مادّة مهلوِسة يدوم مفعولها من ساعتين إلى أربع ساعات أو أكثر حتّى، بينما تأثيرُها على العقل والجسد يدوم مدى الحياة، وتزيد خطورتُها عند تدخينها بأنبوب أو ماسورة، أو عند إضافتها للسيجار.


للماريجوانا آثارٌ سلبيّة على صحّة الإنسان بشكل عامّ، كما لها تأثير خاص على صحّة جهازه التنفّسي، فهي تحتوي على مادّة القطران وهي أكثر المواد التي تسبّب السرطانات بكلّ أنواعها، خصوصاً سرطان الجلد، كما أنّها تسبّب إلتهاباتٍ في الممرّات والشعب الهوائيّة وإلتهابات في الحنجرة والبلعوم والرئة. كما أنّ الماريجوانا تتسبّب في ضعف عضلات القلب، وزيادة في سرعة النبض، وتؤثّر كذلك في عمل الجهاز التناسليّ في الجسم، وتزيد من نسبة تشوّهات الحيوانات المنويّة للرجل، وإختلالات وإضطرابات في الهرمونات الأنثويّة للأنثى.


فضلاً عن ذلك، تؤثّر على جهاز المرء العصبيّ، إذ إنها تخدّر الجسم في البداية، ثمّ يصاب بالهلوسة والخمول والغضب الشديد. وتؤثّر كذلك على جهازه المناعيّ، بحيث إنّ الجسم يصبح أكثرَ عرضة للإصابة بالأمراض الأخرى التي تتلف الجسم رويداً رويداً، كالسعال ونزلات البرد، والإلتهابات الرئويّة، وغيرها.


أمّا تأثير الماريجوانا على الدّماغ فهو واضح، إذ إنها تسبّب تلف المخ، وتؤدّي الى تغييرات في السلوك والأرق الدائم، كما يعاني مَن يتعاطاها من الإرتباك الذهنيّ معظم الوقت، ومن بطء في التفكير وردّات الفعل، وتشوّش الذاكرة، واللامبالاة، والتعب وعدم الكفاءة في إنجاز أيّ أمر أو عمل.