وعد والده أن يحل في المرتبة الأولى في الشهادة الثانوية على منطقة البقاع بأكمله وليس فقط بلدته، إلا أنه لم يتمكن من الوفاء بوعده بعدما أصيب بنزيف في شريان دماغه قبل يوم من الامتحانات الرسمية أدخله في غيبوبة، حتى لفظ آخر أنفاسه صباح الخميس معلناً نهاية شاب متفوق في دراسته وأخلاقه... هو الياس رميلي ابن بلدة نيحا البقاعية قضاء زحلة وحيد والديه على فتاة.

 

غيبوبة مفاجئة

 

" كان طموح الياس (17 سنة) أن يتابع دراسته في الطب ويتخصص في العيون في جامعة البلمند، إلا أنه أبكى عيون كل من عرفه برحيله المفاجئ" بحسب ما قاله قريبه مختار بلدة نيحا عماد رميلي لـ"النهار" شارحاً "يوم الثلثاء الماضي كان الياس يحضّر للامتحانات الرسمية، عندما غاب عن الوعي، نقلته عائلته الى المستشفى اللبناني الفرنسي ومن ثم إلى مستشفى bellevue وقد عجز الاطباء عن انقاذه، بقي في غيبوبته الى ان اعلنت وفاته عند الساعة العاشرة من صباح الخميس".

 

رحيل المتفوق

 

كان الياس "شعلة ذكاء، فتلميذ المدرسة الانجيلية كان من الاوائل في الدراسة على صعيد البقاع" قال المختار، مضيفاً "لم يكن يعاني من اي مرض، ولم تبدُ عليه  اي عوارض، فجأة انفجر شريان اساسي في رأسه أدى الى تلف دماغه، لنخسر بعدها شاباً كان زينة شباب نيحا، كل الكلمات لا تصف اخلاقه واجتهاده، فعلى عكس العديد من ابناء هذا الجيل كان هدف الياس في الحياة الدراسة والنجاح، قدّم مسابقة في جامعة البلمند لدراسة الطب فتفوق في العلامات".

 

"ضعف خلقي"

 

نزيف شريان الدماغ عند الشباب سببه بحسب ما قاله جراح الاعصاب والدماغ الدكتور عمر الاعور لـ"النهار": "ضعف خلقي بجدار الشريان، هذه الحالة تدعى Aneurysms، تؤدي إلى نزيف مفاجئ من دون اي عوارض سابقة"، لافتاً إلى أنه "لا يمكن اكتشاف تشوه الشريان إلا من طريق المصادفة المحضة، كأن يجري الشخص صورة لسبب آخر فيكتشف ضعف جدار شريان، عندها يعالج قبل أن يصاب بنزيف". لكن في حال حصل النزيف ما امكان الشفاء منه؟ عن ذلك، أجاب "الامر يتعلق بسرعته وحجمه، فإذا كان النزيف سريعاً لا علاج له وإن كان بسيطاً وبطيئاً يمكن معالجته الا أن النتيجة تكون بحسب مقدار التلف الذي يسببه للدماغ".

 

بعدما  كان ينهل من كتب الدراسة، أقفل كتاب حياته، انطفأت شعلته ليبقى شعاع صفاته الجميلة دائماً وأبداً في وجدان كل من عرفه. سيحتفل اليوم بالصلاة لراحة نفسه عند الساعة الرابعة والنصف من بعد الظهر في كنيسة النبي ايليا في بلدته نيحا، لكن الاحتفال الأكبر سيتجدد في كل يوم بطيب عطره وأثره الذي تركه خلفه!