أعلن الأمين العام لـ"حزب الله" ​السيد حسن نصر الله​ "اننا نلتقي في يوم ​القدس​ العالمي الذي أعلنه الامام الخميني يوما عالميا، عندما اختار آخر يوم جمعة من ​شهر رمضان​ ليكون يوما عالميا للقدس، لما يعنيه هذا اليوم من قيمة دينية وعبادية وفكرية وجهادية وانسانية".

وفي كلمة له بمناسبة يوم القدس العالم في ​مارون الراس​، أوضح نصر الله ان "هذا اليوم مناسبة يتضامن فيها كل شعوب العالم مع هذه القضية المحقة. يوما بعد يوم يتأكد أهمية هذه المناسبة وأهمية أن يكون للقدس يوم عالمي وأن تعتني الامة باحياء هذا اليوم. أولا لأن القدس والمقدسات الاسلامية ​المسيحية​ هي جوهر الصراع القائم وهي رمز هذا الصراع. وثانيا لما تتعرض له القدس ومن خلفها ​القضية الفلسطينية​ كل عام الى مستجدات ومساعي للاعداء للسيطرة والتصفية وحسم المعركة وخطوات جديدة كان آخرها هذا العام، اعتراف الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ بالقدس عاصمة للكيان الغاصب ونقل ​السفارة الاميركية​ الى القدس".

ولفت الى ان "الاخطر هذا العام ما يجري تداوله من حديث حول صفقة القرن والتي تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية وتسليم القدس والمقدسات للكيان الغاصب"، مشيراً الى "اننا اخترنا هذا العام أن يكون احياء هذه المناسبة في بلدة مارون الراس لرمزيتين، الاولى على الحدود مع فلسطين المحتلة، رمزية الحدود والقرب من فلسطين بالمكان والقلب والروح والعقل والنفس والتأمل وكل المشاعر. والرمزية الثانية ما تعنية بلدة مارون الراس من رمزية مقاومة وصمود وبطولة وشجاعة وتحدي عبر عنها مجاهدو المقاومة في مواجهة العدوان الاسرائيلي في حرب تموز".

وأشار نصرالله الى ان "حديثي اليوم يتمحور حول المناسبة، حول القدس والفلسطين والصراع مع العدو. بطبيعة الحال عندما ننظر اليوم الى داخل فلسطين وما يجري في العالم الى عشرات الالاف من المسجد الاقصى وحوله، الذين صلوا اليوم صلاة الجمعة الايخرة، عندما ننظر الى غزة والى عشرات الالاف الذي احتشدوا تحت الشمس وهم صائمون على حدود القطاع في مسيرات العودة، عندما ننظر الى 900 مدينة في ايران وصنعاء والحديدة وبغداد وباكستان والى البحرين والكثير من دول العالم ، ونرى هذه الحشود الكبيرة يتضح لنا بقوة أن مناسبة اليوم العالمي للقدس تقوى وتزداد حضورا وحيوية وعنفوانا بالرغم من مساعي أعداء القدس الدوليين والاقليميين لاماتة هذا اليوم ومحاصرة هذا اليوم منذ عشرات السنين. ويؤكد هذا الحضور الكبير أن قضية القدس وبالرغم مما جرى في منطقتنا في الأعوام الاخيرة، أن قضية القدس موجودة وحية في ضمائر ووجدان وعقول وقلوب أبناء هذه الامة وعلى امتداد العالم. وهذه من نقاط القوة".

ورأى ان "أمام القدس ثلاثة تحديات، التحدي الاول بعد الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لاسرائيل وهو الامر الذي كان متوقعا ومنسجما مع السياسات الاميركية، هناك معركة أن لا يعترف العالم ودول العالم وخصوصا الدول العربية والاسلامية بهذا الامر وأن لا يستسلموا له. وهذه المعركة بالرغم من ظروف الدول العربية والاسلامية الا أن امكانيات هذه المعركة قوية في العالم وتقبل الكثير من دول لهذا الموقف، ورفض الاعتراف أرضيته قوية جدا. المطلوب فقط أقل الجهد من الدول العربية والاسلامية ومنظمة التعاون السلامي وجامعة الدول العربي أقل الجهد لكي نواجه ونربح في هذه المعركة لكي لا تذهب بقية دول العالم الى الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل".

وأشار الى ان "التحدي الثاني هو التحدي الديمغرافي في القدس، والتحدي في تغيير البنية السكانية. الصهاينة منذ احتلال القدس الشرقية عام 1967 وهو يعملون لايجاد تغيير ديمغرافي حاسم في مدينة القدس الشرقية والقدس ككل. الان مدينة القدس مجتمعة في تحدي اساسي ومخططات اسرائيلية لتغيير هويتها السكاينة من خلال ضم كتل استيطانية والحاقها بالقدس تحت عنوان مدينة القدس الكبرى ومن خلال زيادة الاستيطان ومن خلال الضغط على المقدسيين لتركها"، مؤكداً أن "التحدي الثالث هو مسألة المقدسات وبالأخص بيت المقدس، المسجد الأقصى وكل ما هو موجود داخل حرم القدس. في كلا هاتين المعركتين، الحقيقة هي أن السكان المقدسيين العرب من مسلمين ومسيحيين يقع على عاتقهم العبىء الاكبر والرهان الاساسي عليهم. بمعنى أن بقائهم وحفاظهم على بيوتهم هي المعركة الحقيقية والتي قام بها سكان القدس من 1967 الى اليوم".

وأكد نصر الله أن "المقدسيون نيابة عن الامة الاسلامية كلها، يدافعون عن بيت المقدس والمسجد الاقصى. المعركة الاخيرة التي خاضها قبل أشهر المقدسيون في محيط المسجد في مواجهة أي تغيير فرض على حكومة العدو أن تتراجع. من يحمي هوية المدينة ومقدساتها هم المقدسيون. الواجب على بقية الناس وبقية المسلمين في العالم أن يمدوا يد المساعدة للمقدسيين. الامر يحتاج الى دفع أموال. انفاق المال بهذه المعركة لمساعدة المقدسيين على البقاء في بيوتهم وأن لا يهجروا المدينة، والا يستسلموا للضغوط الاقتصادية والمعيشية والاغراءات المالية التي تعرض. للأسف بعض العرب وبعض دول الخليج يرسلون المال لشراء البيوت من المقدسيين".

وأشار الى أن "ورجال الاعمال العرب الخونة يبيعون هذه المنازل للصهاينة. لكي نساعد المقدسيين على الصمود مطلوب مال تبرعات تقديمات من دول وأغنياء ومن الشعوب. من يريد أن يقدم مالا يستطيع أن يبحث عن الوسائل المضمونة ويمكن لهذا المال أن يصل"، لافتاً الى أنه "فيما يعني القدس وهذه القضية والصراع، يجب أن تكرس من جديد هذه القضية كأولوية على مستوى الامة يجب أن نتفق على القدس ويعمل كل واحد لمصلحة فلسطين".

وأكد أن "لا أحد قدم منذ 70 عاما في اطار الضعف والهزيمة والاحساس بالعجز تنظير ديني أو عقائدي أو فلسفي أو تاريخي لهذه الهزيمة. اليوم يقدم هذا التنظير وبالدرجة الاولى تتحمل مسؤوليته السعودية وبدأ يجد ألسنة واقلام له في العالم العربي. من يقول أن للاسرائيليين حق تاريخي في القدس أمر خطر في معنى تحريف التاريخ والدين. هذا تزوير وتحريف لآيات القرآن ومفاهيم الاسلام".

ورأى نصر الله ان "هناك من يريد أن يحمي عرشه هنا وعرشه هناك. الذي يحمي العروش والانظمة والحكومات في منطقتنا أو الشعوب أو أميركا. اذا هناك دولة أو نظام أو رئيس يراد الاطاحة بها يحميها اما شعبا أو أميركا من خلال العقوبات والحرب العسكرية أن تمنع اسقاط هذا العرش. هؤلاء ليس لهم قيمهم عند شعوبهم وترامب نفسه قال عن بعض الدول في المنطقة أن هناك حكومات ودول وأنظمة اذا تخلينا عنها أسبوع تسقط".

مشيراً الى أنه "فليكن ثمن الحفاظ على العروش تصفية القضية الفلسطينية. هذه هي المعادلة. لأن في عالمنا العربي والاسلامي نوع من الناس البسطاء يمكن أن ينطلي عليهم الخداع، وهناك من يتمنى انتهاء القضية الفلسطينية، مسؤولية العلماء والمفكرين ووسائل الاعلام والجامعات ومواقع التواصل ومراكز الدراسات وكل من لديه قدرة على التعبير ان نواجه الفتنة ونقضي عليها في مهدها فبل انتشار هذا الفكر التضليلي".

وشدد على انهم "يراهنون على يأس اجيالنا وانقلاب الاولويات على أن تصبح فلسطين خارج الاهتمام. ومعركتنا هي معركة الاجيال وحضور هذه الاجيال في الميادين. اذا دخلنا الى الصراع القائم من هذا الباب هذا يؤخني الى البيئة الاستراتيجية للمقاومة".

ولفت الى أنه "في غزة على مدى اسابيع الفلسطينيون يخرجون تحت عنوان مسرة العودة ويقدمون عشرات الشهداء والاف الجرحى ويقفون أمام أحد أقوى جيوش المنطقة وأمام الرصاص الحي والقتل الواضح.هذا يعطي نقطة الامل الاكبر، قطاع غزة جزء كبير من فلسطين. أغلب الشهداء من الشباب وهذه نقطة أمل قوية"، معتبراً أن "كل المؤشات تقول أن هذا الشعب لن يتنازل عن القدس والمسجد الاقصى وفلسطين وحق العودة. الشعب الفسلطيني كله، الفصائل والشعب والسلطة جميعهم يتعرضون لضغوط. لكن هذا الشعب بعد 70 سنة من التهجير والتضحيات يزداد عنفوانا وحضورا وقوة".