رؤى حسين مظلوم ليست المشهد الأول في لبنان، لكنه المشهد الذي يعيد الأزمة إلى الواجهة، أزمة الفوضى المتنقلة وأزمة السلاح المتفلت
 

أقسى ما يمكن أن تسمعه مقتل طفلة بعمر الأربع سنوات برصاصة طائشة وهو ما حصل أمس في بلدة بريتال في البقاع خلال اشتباك مسلح بين عائلتي مظلوم واسماعيل.

 


رؤى حسين مظلوم رسالة جديدة إلى هذه الأمة، إلى كل اللبنانيين، إلى كل البقاعيين، إلى هذا المجتمع الذي يفقد قيَمه وأخلاقه، وأولًا وأخيرًا رسالة إلى هذه الدولة بأجهزتها وسياسييها وزعمائها وأحزابها، رسالة مكتوبة ببراءة الطفولة، ببراءة الدم، لتقول إلى كل هؤلاء أن ما يحصل هو وصمة خزي ووصمة عار على جبين هذا المجتمع الذي يصرّ على أن يكون خارج الدولة و خارج القانون، وصمة عار على هذه الدولة ولا مبالاتها تجاه الموت المتنقل في البقاع، تجاه أولئك الذين يأسرون أمن الناس ويهددون استقرارهم في بيوتهم ومنازلهم، تجاه أولئك الذين يستبيحون كل شي حتى باتت أرواح الناس رخيصة مثل سلاحهم ومثل فوضاهم ومثل إرهابهم.

 

إقرأ أيضًا: مدينة الشمس تحت سطوة مافيا العشائر والأحزاب؟!

 


رؤى حسين مظلوم ليست المشهد الأول في لبنان، لكنه المشهد الذي يعيد الأزمة إلى الواجهة، أزمة الفوضى المتنقلة وأزمة السلاح المتفلت وأزمة السلاح المرخص بلا شروط ولا قيود وأزمة الإستهتار واللامبالاة وأزمة الدولة والقانون، وأزمة السلطة الضائعة بين العشيرة والدولة وبين هذا الحزب أو ذاك والدولة.

 


من المسؤول عن مقتل هذه الطفلة البريئة هذا هو السؤال الذي يطرحه كل أهالي البقاع وقد بلغ الإستنكار على مواقع التواصل الإجتماعي مداه لكن أحدا لم يجرؤ على مقاربة الواقع، والواقع أن بعلبك وضواحيها خارج الدولة وأن السلطة هي سلطة ميليشيا العائلات والعشائر، والمشكلة الخطيرة والكبيرة أن في الدولة من يبرر هذا الأمر، وأن في بعض الأحزاب من يغض الطرف عن هذا الأمر هل لأن بعلبك يجب أن تبقى كذلك؟

 


السلاح الفردي والعشائري في بعلبك كما في كل لبنان هو الأزمة الحقيقية لكل هذه الفوضى وقد بات هذا السلاح السبب الرئيسي في الإنهيار الأمني الذي يشهده البقاع بكامله وسط غياب كامل للدولة وأجهزتها ووسط غياب كامل للأحزاب ونوابها والصمت سيد الموقف، والحلول مجرد خطابات وشعارات وخطط لم تقدم ولم تؤخر خطط وضعت لكي لا تنجح، والواقع إلى مزيد من الموت والضحايا والتلفت الأمني الذي تجاوز حدود الخطر.

 

إقرأ أيضًا: أزمة البقاعيين ليست في الجنوب!!

 


ربما يكون الحل لكل البقاعيين الغيارى على أمنهم و منطقتهم وسلامتهم أن يستأجروا دولة طالما أن دولتهم مشغولة اليوم بشكل الحكومة وتوزيع المغانم الوزراية والحصص، ومشغولة بعدد الوزراء 30 أو 32، والسؤال ماذا سيستفيد البقاع من حكوماتكم هذه الحكومات التي لا تستطيع حماية الناس وأمنها وسلامتها.

 


من المعيب والمخزي أن يبقى الوضع في البقاع على ما هو عليه وعلى الدولة أن تعود إلى مسؤولياتها وعلى نواب المنطقة أن يبادروا فورا إلى التحرك لوضع حد لهذا الإنهيار، ولكن الرهان الأول والأخير على البقاعيين أنفسهم البقاعيين الغيارى البقاعيين الحريصين على أمن منطقتهم، الرهان عليهم من خلال التحرك الفوري والسلمي في سبيل الضغط على الدولة لتقوم بواجباتها بفرض النظام والقانون والامن وتشخيص المشكلة بمسمياتها وتحديد المسؤولين عن هذه الفوضى وهذا الخراب.

 


لتكن دماء رؤى مظلوم فرصة ومناسبة للبدء بتحرك شامل لتكون هذه الطفلة شاهدة وشهيدة ولتكون بركة دمائها هي الأمن والسلام لمدينة بعلبك وكل البقاع.