لماذا إستهدفت إسرائيل بجرائمها قيادات سياسية وفعاليات إعلامية كانت ترى في سوريا (لا إسرائيل) الخطر الأكبر على سيادة لبنان واستقلاله، ووحدة أراضيه وسلامة نظامه؟
 

قد يكون سعادة نائب البقاع الشمالي اللواء جميل السّيد مُحقّاً باتّهامه إسرائيل باغتيال الشهيد رفيق الحريري، فهي لا تتورّع عن ارتكاب جريمة مهولة بحقّ مسؤول لبناني كبير يحظى بمكانة إقليمية ودولية، وكيف لا! وهي الدولة التي تختزن حقداً دفيناً ضد كلّ من هو عربي، وقد يُحدث خرقاً ما في قيادة بلده نحو مزيدٍ من الازدهار والاستقرار. لكن ما غاب، أو لعلّهُ غيّبهُ عن قصدٍ رجل المخابرات الأول، ورجُل الأمن العام الذي لا يُشقُّ له غبار، هو السؤالُ المؤرق: لماذا أكملت إسرائيل جرائمها بعد اغتيال الحريري؟ ولماذا استهدفت بجرائمها قيادات سياسية وفعاليات إعلامية كانت ترى في سوريا (لا إسرائيل) الخطر الأكبر على سيادة لبنان واستقلاله، ووحدة أراضيه وسلامة نظامه؟ فبعد أن أخفقت في اغتيال مروان حمادة، نجحت في اغتيال الصحافي سمير قصير، وبعده اغتيال صاحب جريدة النهار النائب جبران تويني، وبعد ذلك اغتيال أمين عام الحزب الشيوعي السابق جورج حاوي، ثمّ أتبعت ذلك باغتيال الوزير بيار أمين الجميّل، وبعدها اغتيال النائبين بيار غانم ووليد عيدو، وأنهت جرائمها هذه باغتيال الوزير محمد شطح، لينتهي هذا المسلسل المُفجع الدامي بعد انهيار تكتّل الرابع عشر من آذار، وسيادة منطق الغلبة الإيرانية - السورية على كامل مفاصل الحياة السياسية في لبنان.

إقرأ أيضًا: تكتُّل لبنان القوي أم تكتل لبنان المُقوي

 


سؤال لم يُجب عليه اللواء السيد، وهو يعلم علم اليقين ضلوع النظام السوري بتفجيرات لبنان الدموية، والتي زُهقت فيها أرواحٌ غالية، واللواء كان موجوداً في سيارة نقل المتفجرات من دمشق إلى بيروت، وهي موضّبة من قبل ضابط مخابرات النظام السوري اللواء علي المملوك، ومودعة بحفظ الوزير السابق ميشال سماحة ورعايته، وإذ نجا السيد من تهمة الإشتراك في هذه الجريمة، تجرّأ وأعلن براءته علناً من الصديق سماحة للأبد، وحسناً فعل، فهاهو اليوم عضو بارز في البرلمان اللبناني، وربما يستعد لرئاسته (أطال الله عمر الأخ نبيه بري)، وتستمع له المحكمة الخاصة بلبنان مع التّقدير والاحترام لشخصه ودوره في الأحداث اللبنانية، أمّا في قضية الشهيد الحريري واتّهامهُ الوحيد لإسرائيل، فقد يصُحّ عليه قول الشاعر العربي بأنّه "يُجرّرُ حبلاً ليس فيه بعيرُ" .