على السياديين في هذا البلد التخلي عن الطموح الشخصي والمكتسبات الآنية الأنانية والعودة الى المشروع السياسي الوطني العابر للطوائف
 

المشروع السياسي لم يعد مهماً في وطن طبقته الفقيرة قادرة على مناقشة نظرية ماركس و قادرة على إقناعك بصوابية رأيها  فما بالك بالطبقة المثقفة المتعلمة والمتخصصة السياسية؟ 


في العالم أجمع لا يوجد بلد شعبه ينخرط بالحياة السياسية منذ نعومة أظافره سوى لبنان، بلد الطفل فيه يلد معه أمران: إنتمائه الطائفي السياسي وحبه للبنان الذي يريده لا لبنان الوطن.


و لكن، كل هذا لم يمنع القوى السياسية الأساسية من إدخال نظريتين تتعارضتان تماما مع ما ذكر:

 

النظرية الأولى: الثنائية في الطائفة الواحدة 

 

نشأت سنة ١٩٩٦ ثنائية شيعية بعد حروب ومجازر بين "حزب الله" وحركة أمل لو إستعملت الكراهية والعزيمة التي كانت موجودة فيها ضد العدو الصهيوني لحررت فلسطين و تم القضاء على الصهيونية العالمية الموجودة في بريطانيا. 


إلا أن هذه الثنائية تمتلك راعي رسمي وإقليمي ألا وهو إيران، يقوم بإدارة الخلاف و يبدد الهواجس ويقرب وجهات النظر وطبعًا ينفق ما إستطاع له سبيلا على الطرفين، "الخلاف ممنوع على العلن" نحن مستهدفون يقول الراعي الرسمي، "لكل منكم دور و موقع لدينا مشروع سياسي واحد"،  لا يتعارض مع الآخر يأمر الممول ..... طبعًا هذه المعادلة ممكنة في الطائفة الشيعية لعدة أسباب أولها التاريخ السياسي لهذه الطائفة في لبنان التي لم تتمتع يوم بتعددية زعامية و لا حزبية فكانت بأفضل أحوالها ثنائية ومعظم أوقاتها أحادية والسبب الآخر وجود من تمكن من إدارة الخلاف "بعدل".


هل يمكن تطبيق هذه النظرية على باقي الطوائف؟

 

إقرأ أيضًا: ثلاثة مشاريع في لبنان لا مشروعان

 

لا ... طبعا لا، بالعودة للطبيعة السياسية لكل من الطوائف الكبرى في البلد نرى أن الموارنة لطالما كان لهم مجلس حكم يجلسوا على الطاولة عند إحساسهم بالخطر المصيري على الطائفة ويتقاتلون يوم تأتي إنتخابات رئاسة الجمهورية ... هكذا هي المعادلة، فشلت كل محاولات حصر القرار والإلغاء والتوحيد واليوم ستفشل محاولة إستنساخ الثنائية الشيعية لثلاثة أسباب:


١) لا راعي رسمي إقليمي واحد


٢) لا مشروع سياسي مشترك 


٣) زعيم  واحد فقط يصبح رئيس للجمهورية

 

أما السنة، للإختصار: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "و الذي نفسي بيده لتفترقن أمتي على ثلاث و سبعين فرقة، فواحدة في الجنة واثنتين وسبعين في النار".

 

من هنا ندخل على المعادلة المسخ والنظرية الثانية التي ولدت من رحم الأولى.

 

النظرية الثانية: القوي في طائفته يحكم 

 

أتى من يقول أن العدل بالتمثيل ومستلزمات ما سمي بالميثاقية أن يكون من يمتلك العدد الأكبر من نواب طائفته او من تجمع عليه طائفته سواء بالإكراه أو بالرغبة هو الذي يفوز بالموقع الأول المخصص للطائفة ..... نظرية وضعت لقطع الطريق على التعددية وعلى الفكر السياسي وعلى التنوع والإنصهار الوطني خدمة لطموح مجانين العظمة ... ولكن هنالك مشكلة، هل عدد النواب بظل قوانين ملتوية ومزخرفة على قياس البعض كفيلة بإظهار الأحجام  الحقيقية فعلا؟ ماذا عن المشروع السياسي؟ لو أتى من يؤمن بفكر داعش مثلًا ولا يؤمن بلبنان الوطن النهائي وتمكن من حصاد أكبر كتلة نيابية سنية هل نوليه أنفسنا و نسلمه رئاسة الحكومة؟ 


بالخلاصة يا سادة نظرياتكم و رغم أنكم تمكنتم من تطبيق بعض منها لمرة واحدة مصيرها الفشل في أحسن الأحوال و دمار البلد في أسوءها.


على السياديين في هذا البلد التخلي عن الطموح الشخصي والمكتسبات الآنية الأنانية والعودة الى المشروع السياسي الوطني العابر للطوائف والمناطق، لا سبيل لبناء وطن يليق بشعب عظيم مثل الشعب اللبناني إلا بالعودة للثوابت التي تجمع و لا تفرق.